الإمارات العربية المتحدة تعد من الدول الرائدة في سياسة تمكين المرأة، فقد تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتمكين وريادة المرأة في دولة الإمارات 2015-2021، وقد أتت تلك الاستراتيجية أكلها، لدينا أكثر من 9 وزيرات، كما تشغل النساء نصف أعضاء المجلس الوطني الاتحادي منذ 2019، وتمثل المرأة 66% من العاملين في القطاع العام و30% منهن في مراكز صناعة القرار. ولو أردت بسط الكلام حول إحصاءات تمكين المرأة في الإمارات لما وسعتني المساحة، وكلنا فخر بما تحقق، ونشكر الجهات المختصة على هذه الإنجازات. وأود التركيز على جانب من حياة المرأة يمثل لنا في الإمارات حجر الأساس في الاستقرار الاجتماعي، إنها الأم.
معدل الخصوبة لدى المرأة الإماراتية يتراجع من 5.2 في سنة 2014 إلى 3.2 حسب الإحصاءات الصادرة عن إمارة دبي، وفسر التقرير هذا الانخفاض في أعداد المواليد إلى عوامل كثيرة منها الاقتصادية والاجتماعية، والأخطر من انخفاض معدل الخصوبة هو تأخر سن الانجاب لدى المرأة الإماراتية وما صاحب ذلك من تحديات صحية ترتبط بصحة المواليد الجسدية والعقلية، والسبب الرئيس في هذا الأمر يرتبط بسوق العمل الذي جعل المستقبل المهني
Career Path أهم لدى البعض من الذرية وتكوين الأسرة المستقرة، لكن لا نريد أن نُلقي باللوم على المرأة وحدها فكلنا شركاء في هذا الأمر، فهل من حلول لهذه الأزمة؟
مراجعة نظام الخدمة المدنية الخاص بالأسرة الإماراتية أضحى لازما في التعامل مع هذه المعضلة. لكني أود أن أقترح أمراً سبقتنا له بعض الدول التي تقدمت علينا اقتصادياً، عندما شعرتْ بخلل في التركيبة السكانية. وقبل ان أكتب هذا الاقتراح اسمحوا لي مشاركتكم هذه القصة الحقيقية، فقد التقيت في كلية التربية بجامعة الإمارات بطالبة مواطنة كانت من الأوائل على دفعتها في الثانوية العامة، وسألتها عن سر اختيارها كلية التربية بدلاً من الكليات الأخرى ذات المردود الاقتصادي الأكبر لخريجيها، فقالت لي مستغربة، لماذا تعتقد أن من الواجب علينا جميعاً أن نعمل؟ فقلت لها هذا هو هدف جل طلبة الجامعة بعد التخرج. قالت لي لكن هدفي من التحاقي بكلية التربية يتلخص في أن أكون أُماً متميزة ومربيةً ناجحة لأطفالي!
السؤال الذي أود ان أختم به هذا المقال: هل لدينا في نظام تمكين المرأة خططاً لتشجيع الأمهات في البيوت بصرف راتب لهن مقابل تفرغهن لتربية جيل المستقبل الذي يمثل الحصن الاجتماعي للإمارات؟ ألا تستحق من نذرت نفسها لتربية أولادها راتباً شهرياً مناسبا لها؟ الأمر يشمل كذلك المرأة العاملة التي عملت لفترة من الزمن ثم أثرت ترك الوظيفة والتفرغ لتربية الأبناء. لِمَ لا نسمح لها وبراتب مناسب، الانقطاع عن العمل فترة أو العمل عن بعد للتفرغ لتربية الأولاد ثم عندما تستقر أمورها ويلتحق أبناؤها بالمدارس نسمح لها بالعودة للعمل من جديد، وقد احتفظت بمهنتها والترقيات المخصصة لها.
*أكاديمي إماراتي