في لهجة أهل الإمارات تستخدم كلمة الشارة بمعنى الجائزة، وتحمل نفس المعنى في القاموس العربي فيقال منح الشارة بمعنى منح الوسام، في النهاية هي علامة على التميز والفوز. وهذه الشارات تدفع الناس لبذل أفضل ما عندهم من أجل التميز، بيد ان بعضهم يختصر جهد الحصول على الشارة بطرق غير سوية، فيحرم المتميزين الفعليين من الحصول على التقدير.
من الأمثلة على ذلك تعاطي بعض الرياضيين للهرمونات من أجل الفوز، ونفس الآلية تم استخدامها في سباقات الخيل والإبل، بيد أن الجهات المختصة تنبهت لذلك، فأصبح القانون يطلب إجراء الفحص الطبي قبل السباق للتأكد من عدم استخدام تلك المقويات. هذه المقدمة أردت بها تقريب الصورة للمنافسات الأخرى، التي تجري في الدولة. فمن أجل الارتقاء بالخدمات المقدمة للمتعاملين، طورت الجهات المختصة العديد من الأوسمة وجوائز التميز كي تتسابق الجهات للحصول عليها، ولم يكن الهدف من ذلك مجرد الحصول على الجائزة وإنما التسابق من أجل الابتكار والتطوير في العمل المؤسسي.
انقسمت المؤسسات في تعاملها مع تلك الجوائز إلى أقسام، منها من جد وبذل ما في وسعه في التطوير والاجتهاد والإبداع من أجل المنافسة الشريفة لتحقيق غاية التميز وهؤلاء يستحقون منا كل إشادة. الصنف الذي أتحدث عنه في هذا المقال هو من اشترى التميز من دون جهد منه، فبدلاً من تطوير الأداء الفعلي في المؤسسة، تعاقدت الإدارة بميزانيات كبيرة مع شركات تخصصت في الجوائز من أجل إعداد ملفات تميز تبهر لجان الفحص، وللأسف الشديد تفوز هذه المؤسسات على دوائر بذلت جهدها في التميز لكنها لم توفق ليس في تحقيق التميز الفعلي لكن في إثبات ذلك من وجهة نظر لجان التحكيم، من الذي يستحق التقدير، هل هو الذي اجتهد وطور فعلياً، أم من تاجر في التميز بشكليات بعيدة عن الواقع؟ الجواب واضح لأولي الألباب.
التميز لا ينبغي أن يُقاس بالشكليات لكن بالتقدم الذي تحقق في أرض الواقع، دعوني أقدم لكم مثلاً من تخصصي في التعليم، تجد مدرسة أجادت في خططها المكتوبة لدرجة مذهلة، وانفقت أموالاً طائلة في تطوير البنية التحتية والمرافق التابعة للمدرسة، ففيها أرقى المختبرات وأجمل الملاعب والساحات، لكن ذلك لم ينعكس إيجاباً على أداء التلاميذ، ما رأيكم في هذه المدرسة هل تستحق شارة الفوز؟
ولو انتقلنا من التميز المؤسسي إلى التميز الفردي، نجد نفس الممارسات. فكم شخصاً يحمل درجة الدكتوراه وهو لا يستحق شرفها لأنه اشتراها بماله ولم يحققها بجهده. كم من إحصاءات تم استخدامها بذكاء للحصول على شارات التميز، وكانت إحصاءات مضللة لا تمت للواقع بصلة، الأرقام التي لا يصدقها الواقع العملي ترفضها العقول المستنيرة كما ترفض فوز متعاطي المنشطات في السباقات.
* أكاديمي إماراتي