الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم رحمه الله حي، ما دامت صروحه الإنسانية تواصل مسيرته وتبارك عطاءه وتقدر مكانته.
لقد ترك خلفه أخاً هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رجلاً تفخر به الرجال.
لقد شع الأمل بالعمل عندما غرد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على «تويتر»، قائلاً:«الإخوة والأخوات.. نعلن عن إنشاء مستشفى حمدان بن راشد لرعاية مرضى السرطان بدبي.. مستشفى خيري وإنساني مفتوح للجميع.. يضم 250 سريراً.. وسيستقبل 30 ألف مراجع سنوياً..ويقام على مساحة بناء 50 ألف متر مربع».
صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد امتداد للشيخ حمدان بن راشد، الإنسان بهذا العمل الإنساني يقهر المستحيل، ويورث هذا الفكر لبقية الأجيال، ويغرس فيهم جوهر العمل الخيّر، الذي هو مصباح المؤمن نحو الجنان.
أدرك بوراشد عمق اهتمام أخيه حمدان بالصحة والفطرة والطبيعة وكانت مكرمته من تلك الشجرة الوارفة الظلال.
هذا الصرح الإنساني المرصع بجواهر العافية، المتربصة بهذا المرض الذي يخطف المصاب في صمت، ويتسلل إلى جذر بنيانه بلا شعور، وُجد ما يخفف من لأوائه ويذيب شقاءه في شفائه.
كانت تسعة أعشار أحاديث الشيخ حمدان عن أهمية حفاظ الإنسان على الصحة بالاحتراز والوقية قبل الوصول إلى مرحلة الكفاح ضده من أجل البقاء.
و يكون في قمة السعادة إذا ما حدثه أحد أصحابه عن فكرة جديدة أو اختراع علمي حديث يساهم في جلب الراحة إلى جسد الإنسان من بعد عمليات الكدح المتواصل الليل بالنهار.
صادف أن كنا في سهرة رمضانية وقت السحور، وكان سامر الكلام يدور حول رمضان، فبادر أحد أصحابه القول عن يومه، الذي لم يترك فيه رياضة المشي قبل الإفطار، معقباً بأنه لم يصدق بأنه في هذا النشاط مع أن القيظ كان في أوجه.
وفتح الحديث حول مائدة السحور عن «صوموا تصحوا» كما ورد في الأثر، فتقدم أحد الأطباء الجراحين قائلاً وموجها كلامه إلى الشيخ حمدان عن حضوره دورة تدريبية في أميركا منذ فترة وجيزة حول العلاج بالصوم في المستشفيات الأميركية كجزء أساسي لعلاج بعض الأمراض، بل إن الصوم أصبح عندهم بديلاً عملياً عن ممارسة بعض أنواع التمارين الرياضية في حالة عدم تمكن المريض القيام بذلك نتيجة ظرفه الصحي.
وفي إحدى ليالي رمضان دخل إلى مجلسه صاحب ملازم له، وبعد أن أخذ موقعه من المجلس سأله الشيخ حمدان عن وضعه اليوم مع الصوم وكأنه يعرف عدم تحمله مشقته، فأجابه: كأني لم أفطر لأسبوع كامل، فضحك الشيخ من جوابه، فقال له: «شوا مكلفنك» ففي ديننا سعة لأمثالك.
فالطب هنا لا يتعارض مع الدين إذا كان الصيام يؤدي للبعض إلى المهلكة، فالصحة هنا مقدمة على الصوم، والصدقة تغني عن ذلك.
هذا الفهم هو المطلوب للتعامل مع حكمة التشريع في جميع أحكامه فمناط الأحكام هو المقصود، وليس ظاهر الحكم، فحفظ النفس وعدم إلقائها إلى التهلكة هو الأهم هنا، وليس عملية الصوم الآلية.
«مستشفى حمدان بن راشد لرعاية مرضى السرطان» مبادرة خيرية إنسانية، فهنيئاً لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بهذه المبادرة التي تليق بمقام عميد أسرة آل مكتوم في الدنيا والآخرة حيث الرضوان الأكبر والعطاء الأجزل.