يعود المحتوى الإعلامي في مجال التواصل المؤسسي إلى دائرة الضوء مجدداً، بعد عقود من نمطيته واقتصار دوره على تكريس السمعة وترسيخ الصورة لهذه المؤسسة أو تلك.. يعود اليوم بمضمون جديد ومفردات حديثة وعمليّة، تؤشر بمجملها على مرحلة زمنية مختلفة من حيث الرؤية ومستوى التنمية الشاملة المنشودة في كافة الحقول والميادين بدولة الإمارات العربية المتحدة، وأهمها الاقتصاد الذي له وطيد العلاقة بالذكاء الصناعي ومصفوفته التي باتت معروفة لكل ذي اهتمام بمواكبة المستقبل.
إن التواصل المؤسسي أو الحكومي في شكله القديم، الذي كان يعتمد على محتوى ترويجيّ في عملية أقرب إلى التسويق، بدأ اليوم يلملم شتاته مؤذناً بالرحيل، بعد أن أصبح تقليدياً وفاقداً للحيوية المطلوبة، تلك التي تحتاجها مسيرات التنمية الكبرى في الدول المتقدمة. لقد تجاوزه الزمن ولم يعد ثمة من يعوّل عليه في دولة متوثبة كدولة الإمارات العربية المتحدة. فالإنسان إذا ما أراد أن يكون عصرياً في زمن الحداثة، فأول ما ينبغي له فعله هو التخلص من شروط الماضي واستبدالها بشروط المستقبل الذي ينشده. وهكذا إنما تكون الدول في مراحل نمائها وتقدمها المستمرين.
وحينما يتأمل المراقب إحدى أهم التغريدات التي كتبها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وجاء فيها «لدينا مجمعات إبداعية في التصميم والمحتوى والثقافة والفنون وغيرها.. وسنطلق غيرها.. ولدينا هدف برفع مساهمة هذا القطاع من 2.6 إلى 5% من ناتجنا المحلي الإجمالي.. الإمارات عاصمة اقتصادية عالمية.. والإبداع جزء من اقتصادنا.. وجزء من جودة حياتنا.. ومحرك رئيسي لمستقبل بلادنا».. يتأكد له بوضوح أن الأوان قد آن بالفعل لبروز إعلام مختلف عما سبقه في دوره المواكب وتأثيره الفاعل، ألا وهو «الإعلام التنموي الإبداعي»، الذي سوف يعتمد على محتوى جديد يسهم بفاعلية في التنمية الشاملة، ويعزز الاتصال التشاركي عبر التنوير، والتثقيف، والتمكين، وتنمية المجتمع، وله وطيد العلاقة بالذكاء الصناعي، والمدينة الذكية، والاقتصاد الجديد أو اقتصاد المعرفة. إنه الإعلام الإبداعي الذي يراد له أن يسود في المرحلة المقبلة، ويكون جزءاً من خطط التنمية في شتى مجالات الحياة، وستكون هناك خريطة طريق ستبيّن آليات عمل هذا الشكل من الإعلام ذي المحتوى التنموي الإبداعي.