فقدت دولة الإمارات العربية المتحدة، يوم الأربعاء الماضي، قامة كبيرة ساهمت في مسيرة العطاء الإماراتية، إنه المغفور له الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، طيب الله ثراه، تلك الشخصية التي فجع الوطن بوفاتها وفقدها. مسيرة حافلة بالعطاء تركها الشيخ حمدان الذي قدم لوطنه كل ما بوسعه، وكان له أثر كبير في مسيرة النهضة والتنمية الإماراتية. 
ومن خلال المسؤوليات التي أوكلت إليه طوال مسيرة حياته العملية، كان نموذجاً للعطاء والعمل الخيري ومد يد العون للمحتاجين. وتلقى المغفور له تعليماً عالياً في أرقى المؤسسات التعليمية في العالم، حيث انتقل إلى المملكة المتحدة لدراسة اللغة الإنجليزية وعلوم البلديات في جامعة كامبريدج، كما حصل في عام 2006 على 3 شهادات فخرية من الكلية الملكية البريطانية، ليكون أول شخصية عالمية تحقق هذا الإنجاز، حيث مُنح شهادة الزمالة الفخرية للكلية الملكية البريطانية للأمراض الباطنية بلندن وبإدنبرة، وشهادة الزمالة الفخرية للكلية الملكية البريطانية للأمراض الباطنية والجراحة بجلاسكو. 
شغل الشيخ حمدان منصب رئيس بلدية دبي في منتصف الستينيات، واستمر في هذا المنصب حتى بعد تكليفه بمنصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية والاقتصاد والتجارة والصناعة، في أول حكومة اتحادية برئاسة شقيقه المغفور له الشيخ مكتوم بن راشد، عقب إعلان الاتحاد في 2 ديسمبر 1971، كما شغل منصب وزير المالية منذ التشكيل الأول لمجلس الوزراء في 9 ديسمبر 1971 بعد أسبوع من إعلان الاتحاد، حتى وفاته في 24 مارس 2021. وترأس أيضًا العديد من الهيئات والمؤسسات الحكومية منها: بلدية دبي، وهيئة آل مكتوم الخيرية، ومركز دبي التجاري العالمي، وشركة الإمارات الوطنية للبترول، وشركة دبي للغاز الطبيعي، وشركة دبي للألمنيوم، وشركة الإمارات الوطنية للمنتجات النفطية، ومركز تجهيز حقول النفط. ثم واصل مسيرته العملية فتولى فيها أكبر المسؤوليات في الدولة على مدى مسيرته العلمية والعملية. 
كان، رحمه الله، شغوفاً ومهتماً بتطورات الصعيد الثقافي. وقد ساهم  في إثراء الحركة الاقتصادية والتجارية، وساهم في الكثير من الإنجازات الاقتصادية في دولة الإمارات العربية المتحدة. وقد عاصر، رحمه الله، فترة العصر الذهبي إبان ذروة فترة التطور والنهضة الشاملة في الإمارات خلال الفترات الماضية من عمر الاتحاد.. ولقد ترك الراحل بصمات مهمة جداً في حياة هذا الوطن، وسيظل لها تأثير بالغ في نمو ونهضة المجتمع، لتكون نقطة انطلاق لكل أبناء الوطن في هذا المجال.. ومن ناحية أخرى فقد ساهم الفقيد في الارتقاء بفعالية التخطيط المالي لميزانية دولة الاتحاد، وتطوير كفاءة الإدارة النقدية، على أساس علمي متطور يتوافق مع أفضل وأحدث الأنظمة في مجال المعايير المحاسبية الدولية المعتمدة. وصرحت وزارة المالية بأن الإنجازات التي تحققت على يد الشيخ حمدان بن راشد شكّلت حافزاً كبيراً وإرساء لمبادئ ومفاهيم لمن سيواصل مسيرة الإنجاز والبناء، وتحقق الأهداف المتوخاة والمتوافقة مع رؤية الدولة للمستقبل.
رحمة الله على فقيد الإمارات، وتغمده الله بواسع رحمته، وألهم أهله الصبر والسلوان.. وتعازينا الحارة لآل مكتوم، كما ونوجّه تعازينا إلى صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وإلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وإلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإلى أبناء الشعب الإماراتي الشقيق في مصابهم الجلل.. «إنّا لله وإنّا إليه راجعون».
* كاتب كويتي