أثار الفلاسفة والمؤرخون والسياسيون سؤالا عميقاً في الآونة الأخيرة: هل نعيش في مفصل تاريخي، أي في لحظة تغير هائل من شأنها أن تؤثر على مستقبل الديمقراطية في الولايات المتحدة وكذلك على مصير جنسنا البشري؟
إن التطورات التكنولوجية التي لا تعد ولا تحصى، والوباء الهائل، والتغير المناخي، والسياسات التي تتسم بالعنصرية في الولايات المتحدة وأماكن أخرى، كلها أدلة على هذا المفصل. في حديثه أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مؤخراً، وصف الأمين العام أنطونيو جوتيريش تقاطع هذه القوى، وحذّر من أن «تفوق البيض وحركات النازيين الجدد أصبحت تهديداً عابراً للحدود الوطنية، واستغلت جائحة فيروس كورونا لتعزيز دعمها». كما أثار مخاوف بشأن إساءة استخدام البيانات على المنصات الرقمية.
وفي أعقاب محاكمة العزل الشهر الماضي بسبب أحداث مجلس الشيوخ، تساءلت «رينيه رومانو»، الأستاذة بكلية أوبرلين، عما إذا كان يمكن لأميركا أن تصبح ديمقراطية متعددة الأعراق حقاً؟ وقالت: «أعتقد أن الكثير من هذا يتعلق بالعرق والاستحقاق.. والآن، نحن في مرحلة يتعين عليك فيها استخدام العنف للإطاحة بنتائج الانتخابات الديمقراطية لحماية سلطة الأقلية البيضاء». وأضافت رومانو: «أي بلد يوجد فيه مثل هذا الانقسام حول كيفية رؤيتك للواقع، هو بلد غير مستقر. إنني لست متفائلة بشأن مستقبل بلادنا».
ومع ذلك، فإن فوائد الديمقراطية متعددة الأعراق واضحة وهائلة. فـ«التوقعات الجديدة للتعداد السكاني تؤكد أهمية الأقليات العرقية كمحرك ديموغرافي أساسي للنمو المستقبلي للأمة»، وفقاً لتقارير بروكينجز. وعلى وجه الخصوص، تتوقع بيانات التعداد السكاني في الولايات المتحدة أنه بحلول عام 2027، سيكون الأشخاص الملونون الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عاماً هم الأغلبية بالنسبة لفئتهم العمرية. وسيكونون أغلبية موهوبة.
ويُظهر بحث أجريته أنا و«بونيتا ستيوارت»، لكتابنا «نعمة: نساء ملونات يتعاونّ للقيادة والتمكين والازدهار»، أن الشابات السوداوات واللاتينيات متعلمات جيداً وطموحات وتُحركهن المهام، ومبتكِرات بشكل غير عادي. ونتيجة لذلك، فإن القادة الجامعيين الذين يستفيدون من قدرات وإمكانيات العمال الملونين سيجنون الفوائد الاقتصادية لتنشيط التنوع كميزة تنافسية.
ومع ذلك، وبكل المؤشرات، فإن سوق العمل ليس جاهزاً لقوة عاملة متعددة الثقافات. وجاءت البيانات المستخلصة من استطلاع «لينكيد إن» الذي أُجري مؤخراً وشمل 2,000 متخصص من السود في الولايات المتحدة، لتؤكد النتائج التي توصلنا إليها حول النساء السوداوات فيما يتعلق بزيادة التدقيق في التوظيف، وفي الوظيفة التي يجيدها المختصون السود. وقد ورد في نتائج الاستطلاع: ما زلنا نثابر، مدعومين بالدليل، على «فوز» النساء السوداوات كل يوم تقريباً. لقد مرت خمس سنوات منذ أن كان آخر رئيس تنفيذي دائم لشركة مدرجة على قائمة «فورتشن 500» امرأة سوداء، لكن تم تعيين اثنتين هذا العام. في يناير، تم تعيين «روزاليند بروير» رئيساً تنفيذياً لشركة «وولجرين بوتس اليانز» التي تحتل المركز الـ19 في قائمة فورتشن 500. ومؤخراً تم اختيار «ثاسوندا براون دوكيت» لتكون الرئيس التنفيذي التالي لشركة «تي أي إيه إيه» للاستثمار والتقاعد، وهي رقم 81 في القائمة، وتحل محل «روجر فيرجسون جونيور»، مما يجعلها المرة الأولى التي تستبدل فيها شركة على قائمة فورتشن 500 رئيساً تنفيذياً أسود بآخر أسود أيضاً.
وقد وصفت «بروير» رحلتها المهنية وقدمت نصائح للنجاح كمديرة تنفيذية أميركية من أصل أفريقي. واعترفت بأن الاعتداءات المصغرة حقيقية، وحثت بروير النساء السوداوات على تحويل السلبيات إلى إيجابيات. وباستخدام مهارات التفكير النقدي التي طورتها كمتخصصة في الكيمياء، تعلمت أن تكون أكثر استعداداً عند دخول الاجتماع. وحاولت أيضاً أن تهدِّئ من غضبها وأن تبرز الحقائق. وهي تقول: «سينصت الناس إذا تحدثت باقتناع. تخلص من المشاعر واطرح الحقائق».
وأكدت بروير أن أفضل نصيحة لها جاءت من رئيسها السابق: «تحكم في نزاهتك، واعلم أن كل ما تفعله سيخضع للمراقبة». وهذا يتناسب تماماً مع الحكمة التي قدمتها لها والدتها منذ سنوات: «كوني سيدة دائماً. حافظي على اتزانك، حتى عندما لا يشاهدك أحد». وقالت بروير أيضاً: إن القادة الفعالين يجب أن يكونوا سريعي التفكير وفضوليين بشأن ما لا يعرفونه. أولئك الذين يتبعون هذه النصيحة، والذين يريدون جني ثمار قوة عاملة متعددة الأعراق، والذين يرغبون في الوصول إلى الجانب الأكثر ربحية، لديهم الموارد لمساعدتهم.
وبالنسبة للقادة الرجال، على وجه الخصوص، نشرت مجلة «هارفارد بيزنس ريفيو» وصفة لتحسين الحلفاء من الذكور، وهي نصيحة مقدمة من اثنين من أساتذة الجامعات البيض: فقط انتبه. قم بزيادة وعيك من خلال رؤية وسماع اللغة والأفعال المتحيزة على أساس الجنس والعنصرية. واسأل النساء عن تجاربهن. ثم اتخذ الإجراءات اللازمة لوقف الاعتداءات الدقيقة.
*خبيرة استراتيجية في مجال الاتصالات
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»