الانتحار الذي لا أقره، يتلخص في أن يقدم الشخص على قتل نفسه متعمداً، ومن الناحية النفسية عادة ما يقدم البعض على ذلك بسبب اليأس الذي يؤدي إلى الاضطرابات النفسية كالاكتئاب، والذي يعد من أهم الأسباب النفسية للإقدام على الانتحار. وكثيرة هي الشواهد التاريخية التي وضعت زعماء وساسة كبار تحت وطأة الاحباطات، دفعت بعضهم للانتحار.
الرئيس ترامب عملياً يبدو أنه «انتحر» سياسياً، ما يجعله تحت وطأة احباطات كبرى، مؤشراتها بدت واضحة لديه، ويتعرض للكثير من تداعياتها هذه الأيام، حيث فشل رسمياً في تجديد فترة رئاسته منصبه كرئيس، وتم الاعتراف من قبل الكونجرس بمنافسه بايدن رئيساً لأميركا، كما فشلت كل محاولات ترامب للتشكيك في هزيمته، فتم رد القضايا التي رفعها في المحاكم. هذا الأمر الذي دفعه لدعوة أنصاره للتظاهر في العاصمة واشنطن، الأمر الذي خرج عن السيطرة، فتحركت الحشود الغاضبة إلى مبنى الكونجرس، وكان ما شهدناه من فوضى لم تكن متوقعة في قبلة الديمقراطية العالمية، مجلس النواب يقر بالأغلبية الطلب المقدم لنائب الرئيس الأميركي «مايك بنس» لتفعيل التعديل رقم 25 في الدستور، وعزل ترامب من منصبه قبل أسبوع من نهاية وجوده بالبيت الأبيض، بل حتى الحزب «الجمهوري» بدأ في التبرؤ من ترامب، فقد صرح زعيم الأغلبية «الجمهورية» في مجلس الشيوخ الأميركي «ميتش ماكونيل» بقوله: (ترامب ارتكب مخالفات تستوجب المحاكمة. وقال إنه سعيد بالإجراءات التي سيقدم عليها «الديمقراطيون» بالكونجرس، لأنها ستسهل مهمة إخراج ترامب من الحزب «الجمهوري»)، كما صرح من قبله «بات تومي» السيناتور «الجمهوري» من ولاية بنسلفانيا بقوله «الرئيس ارتكب جرائم تستوجب عزله وليس لدي شك في ذلك»، إضافة لذلك نشر «توم ريد» النائب «الجمهوري» مقالاً في «نيويورك تايمز» قال فيه: «إنه سيعمل لإيجاد سبيل يتيح للكونجرس منع ترامب من تولي أي منصب اتحادي في المستقبل».
لو أضفنا لكل ما سبق الحصار الإعلامي الذي ضربته وسائط التواصل الجديدة مثل «توتير» على ترامب، مما حال بينه وبين التواصل مع مؤيده، حتى رابطة محترفي الجولف الأميركية تلغي تنظيم البطولة في ملعب ترامب والمقررة في 2022، وقد برر ذلك «جيم ريتشيرسون» رئيس الرابطة «اقتران تنظيم البطولة بملعب ترامب سيضر بالعلامة التجارية للاتحاد».
الكل قفز من سفينة ترامب التي توشك على الغرق، وابتعد عنه أقرب مؤيديه. في تصوري أن كل هذه المقدمات تزيد من درجة إحباط الرئيس ترامب، فهو خسر أكثر من مرة في حياته الاقتصادية. هناك بون شاسع بين الخسائر التجارية الخاصة، وأن تكون رئيساً لأميركا، ويرى العالم طريقة خروجك من البيت الأبيض، السند الوحيد المتبقي لترامب هو أسرته، فإن تخلت عنه أهلكته.
*أكاديمي إماراتي