سعت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ أن تأسّست في عام 1971، إلى توفير الحياة الكريمة وضمان الرفاه لجميع أبنائها والمقيمين على أرضها، حيث بدأت ملامح تميزها الأولى على يد الوالد المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي أسهم في الحفاظ على كيان الدولة ووحدتها، ورسم خريطة طريق لها نحو مسارات النهضة والازدهار، إلى أن وصلت إلى هذه الحقبة التنموية الحافلة بالمنجزات في المجالات كلها، ثم انتقلت من مرحلة قوة إلى مرحلة قوة أخرى بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي واصل مسيرة الإنجاز والتقدم في سبيل تحقيق المزيد من المنجزات.
واليوم، وبفضل تضافر جهود القيادة الرشيدة التي وجّهت بوضع السياسات والرؤى المستقبلية والعمل عليها بجهد دؤوب، تصدّرت دولة الإمارات المركز الأول عربيًّا في تقرير التنمية البشرية 2020 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، متقدمة في الترتيب العالمي أربعة مراكز عن تصنيف العام الماضي لتأتي في المرتبة الـ 31 عالميًّا من بين 189 دولة شملها التقرير. ويعكس هذا التقرير- الذي يقيس مؤشرًا مركبًا يعبّر عن مستوى رفاهية الشعوب من خلال ثلاثة أبعاد، هي: الصحة، والمعرفة، ومستوى المعيشة- الطفرةَ الحضارية التي تشهدها دولتنا في وقت مهم، يتجسد بالدخول إلى عامها الخمسين الذي تطمح من خلاله إلى أن تكون ضمن أفضل دول العالم من حيث التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما يتوافق مع «رؤية الإمارات 2021»، وأجندتها الوطنية.
ووفقًا لتقرير هذا العام الذي حمل عنوان «الحدود التالية للتنمية البشرية والإنسانية»، وبحسب المؤشرات الأربعة الرئيسية له، فقد بلغ رصيد الدولة في مؤشر متوسط العمر المتوقع عند الولادة 78.0 سنة، وهو ما ينضوي تحت الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة التي اعتمدتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لخطة التنمية المستدامة لعام 2030. وفي مؤشر سنوات الدراسة المتوقعة فقد بلغ رصيد دولة الإمارات 14.3 سنة فيه، فيما بلغ رصيدها في متوسط سنوات الدراسة 12.1 سنة. وفي مرتبة لافتة للنظر، قدّر تقرير التنمية البشرية 2020 حصة الفرد الإماراتي من إجمالي الناتج القومي بـ 67,462 دولاراً، وهو المؤشر المرتبط بالهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة، الخاص بالعمل اللائق والنمو الاقتصادي المطّرد والشامل والمستدام.
إن تحقيق دولة الإمارات العربية المتحدة هذه المراتب في تقرير التنمية البشرية 2020، نتيجة مجموعة من الأسباب، أهمها سياساتها الناجحة التي تقوم على تنمية الثروة البشرية، ودعم المهارات والكفاءات المواطنة، واستقطاب الخبرات وأصحاب المواهب، وتحقيق معدلات نمو وتطور تعدّ الأغلى عالميًّا في قطاعات الصحة والتعليم وجودة الحياة، الأمر الذي يرسخ مكانة الدولة في مؤشرات التنافسية العالمية، ويؤكد نجاح تجربتها الاستثنائية في الصعد التنموية كافة.
لقد استطاعت دولة الإمارات على مدار سنوات عدّة تحقيق نتائج بارزة في تقارير التنمية البشرية لريادتها وتميّزها في استقطاب الخبرات والتقنيات الحديثة، وإصرارها على إعداد مستقبل أفضل يهتم بتعزيز الجودة والتميز، عبر رفع مستوى وقوة العمل المؤسسي، العام والخاص، واستيعاب التقنيات والتكنولوجية، وإعطاء الأولوية للنهوض بقطاعات التعليم والصحة وسوق العمل والتنمية الاجتماعية، بما يدخلنا «العام الخمسين من عمر دولتنا الفتية وتجربتنا الوحدوية الفريدة ونحن أكثر قوة وثقة بالنفس والقدرات، وأشد عزماً على بلوغ أهدافنا خلال الخمسين سنة المقبلة»، كما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، قبل أسابيع قليلة.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية