لن يكون رد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على السؤال الصحفي الذي وُجِّه له في فرنسا حول «المعتقلين السياسيين» في مصر رداً عابراً، ولا يجب أن يكون عابراً بمقدار ما يجب أن يوظف إعلامياً ويشاع لمجتمعات العالم العربي لتعرف هذه اللغة الواضحة في حرب مكافحة الإرهاب وتجفيف منابع التطرف. فلطالما استخدمت منظمات المجتمع المدني والهيئات الحقوقية لغة التخويف لقيادات المنطقة العربية واعتبارهم قامعين للحريات السياسية، لذلك كان رد الرئيس السيسي مقنعاً وواضحاً وصريحاً، فلا يمكن القبول بتصوير القيادات الوطنية العربية بهكذا نمطية، وتجاهل أن جزءاً ممن يتحدثون عنهم معتنقين لأفكار إرهابية شريرة، لطالما ترصدت للسواح الأجانب في مصر بهدف القتل.
تسلل تنظيم «الإخوان» منذ عقود في مختلف أجهزة الهيئات الحقوقية حول العالم مستغلاً ما منحته الدول الغربية لعناصر التنظيم من حرية في الإقامة، وبذات الاتهام للدول العربية حصلت عناصر التنظيم الدولي على اللجوء السياسي، ومنه مارست العداء لأوطانها فما عانت منه مصر في الحقبة الناصرية هو ذاته ما عانت منه في حقبة الرئيس مبارك، وكذلك عانت منه السعودية وكل البلدان العربية فما تعتبرهم الدول الغربية، في غالبهم، سياسيين، حقيقة يمتلكون سجلات ثقيلة من الأعمال المتطرفة التي تحولت لعمليات إرهابية عملت على ضرب الاستقرار والأمن في مراحل طويلة ومن خلال حوادث وشواهد متوالية.
العالم الذي أنصدم في الحادي عشر من سبتمبر 2001 عاد للغفوة بينما البلدان العربية وتحديداً السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة، قررت منذ تلك الحادثة الإرهابية المرعبة أن تخوض معركة طويلة ومتوحشة للغاية مع المتطرفين، وذهبت عمليات مكافحة الإرهاب لجحور الأفراد المخربين بعد أن تحملت الدول المسؤولية القاطعة في اجتثاث الإرهاب وأفكاره المتطرفة.
كلفت الحرب على الإرهاب ميزانيات الدول الكثير من الأموال لمواجهة فئات تعتقد أن في قتل الناس دخول الجنة وغيرها من أفكار أحادية أساءت للدين الإسلامي واتخذت من الأنظمة الغربية والأوروبية سياجاً لحمايتها من المطاردة القانونية.
ليست مشكلة مصر أو السعودية أو الإمارات في عدم قدرة بعض العواصم الغربية على تعريف الإرهاب ومعاناتها من ازدواجية المعايير فيما تراه بعض الدول حول مشروعية التنظيمات والكيانات. ففي حين تتلعثم العواصم عن تصنيف تنظيم «الإخوان» كجماعة إرهابية لحسابات المصلحة الآنية ولذات مجموعات الضغط التي تساند التنظيم وتضع الحواجز والمبررات الوهمية لرفض تصنيف «الإخوان» ككيان إرهابي، فأن هذه العواصم لطالما استفاقت على عمليات إرهابية تهتز فيها، لكنها تعاود التردد والتلعثم بتصنيف «الإخوان» كجماعة إرهابية.
الرئيس السيسي حمل على كتفيه تركه اقتصادية مدمرة ومشكلات سياسية، ووصل إلى سلطة الحكم على أكتاف ملايين من الشعب المصري ليخوض معركة ضد التنظيم الدولي للإخوان الشياطين، تنظيم كان قد أحكم قبضته على حكم مصر وبنى جسراً بين القاهرة وطهران. كانت معركة لا تقبل الخسارة ومهما كلفت المعركة كان لابد من خوضها والانتصار فيها، وهذا ما فعله الرئيس السيسي بالتحديد، ومازال يخوض المعركة ببسالة ويطارد فلول الإرهابيين في صحراء سيناء، ويعمل على تأمين الحدود المصرية مع ليبيا، التي يراد لها أن تكون منفذاً لعبور عناصر الشر، كما كانت تركيا منفذاً لهم ليعبروا إلى سوريا ويدمروها ويجعلوا منها رقعة لدولة خلافتهم المزعومة.
الرئيس السيسي قام بما يجب أن يقوم به المنتمون لأجهزة الإعلام في العالم العربي، فلا يجب أن يخشى أحد مما يعتقد أنه خطأ أو خطيئة بل الواجب، الإيمان بأن الدول تقوم بواجبها بحماية المجتمعات من أصحاب الأفكار التخريبية، وأن مطاردتهم والقبض عليهم فيه حماية مجتمعية ودينية. فيكفي إساءة للدين الإسلامي عبر فئات قررت منذ تسعين عاماً توظيف الإسلام حسب مشروعها بإقامة دولة خلافة على أنقاض دولة استعمارية تركية انتهت، وعلى أنقاضها أقامت الدول العربية أوطانها الحرة المستقلة.
*كاتب يمني