في إطار استعداد دولة الإمارات العربية المتحدة للخمسين عاماً المقبلة، ومن منطلق استشراف المستقبل وتحويل تحدياته إلى فرص، جاء إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، «مشروع تصميم الخمسين عاماً القادمة لدولة الإمارات» في سبتمبر الماضي، ومنذ طرح هذه الفكرة، عملت القيادة الرشيدة على تشجيع قطاعات المجتمع ومؤسسات الدولة كافة على إغنائها، من أجل ترسيخ مفهوم المشاركة المجتمعية في عملية اتخاذ القرار ووضع الخطط التنموية للدولة والاستراتيجيات الكفيلة بتحقيق الأهداف الوطنية الكبرى، وفي القلب منها أهداف مئوية الإمارات 2071، التي تتمحور حول جعل الإمارات الدولة رقم واحد في العالم.
وقد أقبلت العديد من مؤسسات الدولة والمجتمع على المشاركة في المشروع المذكور، وطرح الكثير من الأفكار التي شملت مجالات عدة، مثل الاقتصاد والمرأة والمجتمع المدني والإعلام وغيرها، ما عكس الرغبة الصادقة لدى مجتمع الإمارات، أفراداً ومؤسسات في المشاركة في صنع مستقبل الدولة في أعوامها الخمسين المقبلة، وضمن هذه المشاركة المتواصلة، بدأ برنامج قيادات حكومة الإمارات، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الأسبوع الماضي، عقد أولى سلسلة جلساته الحوارية التفاعلية العشرين «عن بعد»، بمشاركة أكثر من 500 مسؤول وموظف حكومي من نخبة خريجي برامج القيادات التنفيذية، والمستقبل، وشباب الإمارات، وعدد من أفراد المجتمع، وتهدف هذه الجلسات إلى تطوير 400 فكرة، وتصميم حلول للتحديات وتقديم مقترحات في 16 محوراً مجتمعيّاً تشمل: مستقبل الاقتصاد الرقمي، ودور قطاع ريادة الأعمال في تنمية الاقتصاد الوطني، وضرورة تشجيع الشباب على الدخول إلى مجالات جديدة في الاقتصاد، وابتكار نماذج مستقبلية تسهم في تطوير قطاعات الصناعة والتصنيع، وتعزز جاهزية الدولة للمستقبل.
وقد دشن برنامج قيادات حكومة الإمارات مشاركته في مشروع تصميم الخمسين عاماً القادمة لدولة الإمارات، التي يتوقع أن ترفد المشروع بالكثير من الأفكار الخلاقة، ضمن نشاط ملحوظ شهدته هذه المشاركة خلال الأيام القليلة الماضية، حيث عقدت جمعية الإمارات للإبداع جلسة عصف ذهني لتوليد الأفكار وتبادل الآراء ضمن «حوارات النفع العام» التي نظمتها وزارة تنمية المجتمع، وقد شارك في الجلسة 20 من أعضاء الجمعية وأفراد المجتمع، وخرجت بأكثر من 80 فكرة إبداعية في مختلف المجالات التنموية، التي تشكل مدخلات ومبادرات وطنية مهمة تعزز خطة مئوية الإمارات.
ولا شك في أن هذه الاستجابة الواسعة من قبل مؤسسات المجتمع المختلفة للمشاركة في مشروع تصميم الخمسين عاماً المقبلة، تؤكد الاستعداد الكبير لمجتمع دولة الإمارات بكل فئاته للمساهمة الفاعلة في رسم مستقبل أفضل، وهو ما يؤكد في الوقت نفسه النضج الكبير للوعي العام السائد في الدولة، وهو أمر ليس بغريب في ظل ما تتمتع به دولة الإمارات من انفتاح كبير على مختلف الثقافات والحضارات، وقبل ذلك، فإن حرص قيادتنا الرشيدة على دعم هذه المشاركة، إنما يؤكد رغبتها الصادقة في تفعيل عملية المشاركة في الحياة العامة، انسجاماً مع قيم ومبادئ الشورى الراسخة في دولة الإمارات، والتوجه العام اللافت للنظر في هذا السياق، الذي يعد من أبرز مؤشراته التعديلات التي لحقت بنظام تشكيل المجلس الوطني الاتحادي من جهة توسيع الهيئات الناخبة والعمل بآلية الانتخاب الجزئي.
إن تبنّي فكرة المشاركة المجتمعية في النهوض بمستقبل الوطن سينتج مزيجاً من الأفكار، وتنوعاً في الموضوعات، وتعدداً في الرؤى والتصورات يثري الخطط الاستراتيجية التنموية للدولة، ويعزز فكرة التكامل المفضي إلى اعتماد برامج عملية بّناءة، يسهم فيها الجميع بلا استثناء، فتكون رافداً يصب في مصلحة تطبيق أهدافها المرسومة، وسياستها الهادفة إلى وضع المجتمع وحاجاته وتطلعاته في أعلى سلمّ أولوياتها.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.