يبشّر الاكتشاف النفطي الجديد، الذي أعلنه المجلس الأعلى للبترول، بمستقبل أكثر ازدهاراً لدولة الإمارات التي حرصت منذ اكتشاف ثروتها النفطية، قبل ما يزيد على ستة عقود، على تسخيرها لخدمة التنمية وإرساء بنية تحتية مستدامة في المجالات كافة تسهم في وضع الدولة في مصافّ الدول الأكثر استعداداً للعبور نحو المستقبل، واستيعاب التطورات والمستجدات كافة التي يشهدها العالم.
الكمية التي تضمنها الاكتشاف الذي أثلج صدور الإماراتيين وكل من يعيش على هذه الأرض الطيبة، والبالغة نحو ملياري برميل من النفط الخام التقليدي، و22 مليار برميل من موارد النفط غير التقليدية القابلة للاستخلاص، ستعزز موقع الإمارات لاعباً رئيسيّاً في سوق النفط العالمي، وترسخ مكانتها مورداً موثوقاً به لهذه السلعة الحيوية، وتدعم قدرتها على ممارسة دورها في المحافظة على توازن أسواق الطاقة واستقرارها، وبالتالي توازن الاقتصاد العالمي.
ومما لا شك فيه أن هذا الإعلان، وفي هذا التوقيت، يعطي دفعة قوية لجهود التنمية في الدولة، ويؤكد متانة مركزها المالي والقوة الكبيرة التي يتمتع بها اقتصادها، ويمنح المزيد من الثقة للمستثمرين ويجعل من الإمارات قِبلة ووجهة لكل باحث عن بيئة استثمار جاذبة بكل المعايير، سواء من حيث استقرار الأصول الاستثمارية أو من حيث جدوى العائد عليها ووفرته، وخصوصًا في ظل ما يعيشه العالم اليوم من تغيرات متسارعة تدفع أصحاب الاستثمارات إلى البحث عن ملاذات آمنة لاستثماراتهم تُجنبها اهتزازات الأسواق، وتبعدها عن البيئات الهشة التي لا تتوافر فيها الضمانات الكافية.
صحيح أن دولة الإمارات تسعى بشكل دائم إلى تنويع اقتصادها وتقليل اعتماده على النفط إلى أدنى حد ممكن، من خلال العمل على تأسيس اقتصاد رقمي قوي والاستفادة من المزايا الكبيرة التي تنتج عن عملية التحول الرقمي، خاصة أنها تعدّ واحدة من أكثر الدول تقدمًا في مجال تقنية المعلومات وتبنّي التقنيات الحديثة في خدمة الاقتصاد، وتبنيها مفهوم اقتصاد المعرفة، وسعيها الدؤوب إلى جذب الاستثمارات ورؤوس الأموال من شتى أنحاء العالم، غير أن من المؤكد أن الثروة النفطية تعدّ ركيزة أساسية من ركائز هذا الاقتصاد، ليس من حيث مساهمتها في الناتج القومي الإجمالي فحسب، بل من حيث كونها ضمانة للثقة ودعامة للحاضر والمستقبل، واحتياطيًّا استراتيجياً ثابتاً أيضاً، ومن هنا فإن كل اكتشاف نفطي جديد يعني إضافة قيمة جديدة إلى اقتصاد الدولة، وارتفاعًا في مؤشرات أدائها الاقتصادي.
نعمة حبا الله تعالى بها دولة الإمارات، وبشارة جديدة زفّها إلينا وجه الخير والبشر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلّحة، حفظه الله، ليؤكد لنا أن الارتقاء بحاضر هذا الوطن في المجالات كافة ورفع مستوى معيشة أبنائه وكل من يعيش على أرضه، وتأمين المستقبل الذي تستحقه وتتطلّع إليه أجياله المقبلة، هو الشغل الشاغل لقيادة رشيدة حكيمة نذرت نفسها لإعلاء بنيانه وجعله مثالاً يحتذى به في البناء والتنمية واستغلال الثروات، وتوجيهها وتسخيرها في خدمة الإنسان.
الإمارات دولة تعمل للحاضر والمستقبل، وتحرص على أن تكون حساباتها دقيقة؛ لأنها لا تقبل إلا أن تكون في الصفوف الأولى ولا ترضى في أي حال أن يتراجع مستوى حياة إنسانها، ولذا فهي تحرص على أن تستعد لعصر ما بعد النفط من خلال تنويع اقتصادها الوطني، وتحقيق التوازن بين قطاعاته بما يضمن استدامته للأجيال المقبلة، ودراسة واستطلاع فرص تطوير القطاعات الحيوية ذات القيمة المضافة فيه، وتعزيز كفاءتها ووضع السيناريوهات التي يمكن أن تتبناها لإدخال التغييرات اللازمة التي تضمن الاستفادة القصوى مما تتضمنه هذه القطاعات من ميزات، وتواصل على صعيد آخر العمل على تنمية ثروتها النفطية وتعظيم رصيدها، منها وزيادة احتياطياتها المكتشفة والمؤكدة لتظل رصيداً للأجيال المقبلة يمكنها الاعتماد عليه لتحقيق المزيد من النمو والتطور والاحتفاظ بالقدرة على المنافسة في اقتصاد يتسارع ويتغير بين عشيّة وضحاها.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية