لطالما اصطدمت جهود العديد من الدول لاحتواء وباء فيروس كورونا الحالي بعقبتين أساسيتين؛ الأولى هي الفترة الزمنية بين إجراء الفحص والحصول على النتيجة، وهي فترة يكون فيها المريض مصدراً لعدوى الآخرين، دون أن يكون هو أو من حوله على دراية بمرضه. أما العقبة الأخرى فهي حقيقة أن الفحص المستخدم حالياً (PCR) مكلف، بحيث أن تطبيقه على نطاق واسع كثيراً ما يقع خارج نطاق القدرة الاقتصادية للعديد من دول العالم. بالإضافة إلى أنه يحتاج إلى بنية تحتية، من معامل مجهزة بأجهزة باهظة الثمن، وأفراد مدربين بشكل كاف، وهو ما لا يتوفر في الكثير من مناطق العالم، وخصوصاً المناطق النائية والريفية.
هاتان العقبتان من الممكن تخطيهما من خلال ما يعرف بالفحوص التشخيصية السريعة، والتي يستغرق الحصول على نتائجها أقل من تسعين دقيقة، ويتم إجراؤها في مكان أخذ العينة، دون الحاجة لإرسالها إلى معمل متخصص، وبدقة مساوية للفحوص الحالية.
هذه الميزات، والتي يعتبر البعض أنها ستشكل علامة فارقة في جهود مكافحة الوباء الحالي، دفعت العديد من المنظمات للإعلان، يوم الاثنين الماضي، عن توقيع عدد من الاتفاقيات الرامية إلى توفير الدعم المالي لجعل هذه النوعية من الفحوص (Antigen Rapid Tests) متاحة للدول منخفضة ومتوسطة الدخل. وشملت هذه المنظمات: مؤسسة «بيل وميلندا جيتس»، و«مبادرة كلينتون للحصول على الرعاية الصحية»، و«مؤسسة الفحوص التشخيصية المبتكرة»، و«المركز الأفريقي للتحكم في الأمراض»، ومنظمة «يونيت آيد» المعنية بالوقاية من وتشخيص وعلاج الأمراض الرئيسية في الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل، بالإضافة إلى منظمة الصحة العالمية، والصندوق الدولي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا.
ووفقاً لما تم إعلانه، ستوفر هذه المنظمات الدعم المالي، لتغطية تكلفة 120 مليون فحص من الفحوص السريعة، ستوزع على 133 دولة حول العالم، وخصوصاً الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل التي ينتشر بها الفيروس حالياً على نطاق واسع، والتي تعاني من نقص في أفراد الطاقم الطبي المدربين وفي المعامل الطبية المتخصصة.
ويتوقع لهذا الاتفاق الذي شارك فيه اثنان من عمالقة صناعة الأجهزة الطبية، أن يخفض من تكلفة إنتاج الفحص الواحد، لتبلغ خمسة دولارات فقط، وهو ما من شأنه أن يجعل هذا الفحص متاحاً بتكلفة منخفضة لعدد أكبر من أفراد الجنس البشري، وأن يسمح بإجراء الفحص على فترات زمنية أكثر تقارباً.
*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية