بالآونة الأخيرة أشاد المتحدثون خلال «المؤتمر القومي للحزب الجمهوري» بالرئيس ترامب على اعتباره مناهضاً للحروب التي بلا نهاية. فقد أشاد السيناتور «الجمهوري» راند بول بالرئيس لأنه «أعاد رجالنا ونساءنا إلى الديار». بينما قال «إيريك ترامب» أن والده حقق «السلام في الشرق الأوسط. والحروب التي لا تنتهي انتهت أخيراً». وبعد ساعات فحسب، علمنا بشأن صدام مباشر بين قوات أميركية وروسية في شمال سوريا. فقد تسابقت المركبات العسكرية لكل بلد في ميدان مفتوح حتى اصطدمت مركبة روسية بأخرى أميركية مما أدى إلى إصابة أربعة أميركيين مع زعم كل جانب بأن الجانب الآخر هو المتسبب في الحادث. وأشار «بريت مكجورك» المسؤول السابق في الإدارة إلى أن «هذه الحوادث تقع منذ شهور».
فكيف وصلنا إلى وضع أصبحت فيه أكثر القوى تسلحاً نووياً تقع في مواجهة في ريف سوريا دون تفويض من الكونجرس؟ ففي وقت متأخر من عام 2018، أعلن ترامب انسحاباً كاملاً للقوات الأميركية من سوريا ثم تراجع سريعاً بعد أن واجه انتقادات شديدة من شخصيات بارزة من الحزبين. لكن بعد أقل من عام، جدد ترامب دعوته للانسحاب، مشيراً إلى المطالبات «فاطرة القلوب» من أفراد أسر الجنود الذين سقطوا في الحروب. ثم واجه معارضة من الجيش ومن الحزبين وتراجع مرة أخرى.
وفي المقابل، أعلن الرئيس أن القوات لن تظل في سوريا فقط بل ستفعل هذا بهدف سريع يتمثل في «تأمين النفط»، الذي أشار إلى إمكانية استغلاله عبر «صفقة مع إيكسون موبيل أو إحدى شركاتنا العظيمة». ومع الأخذ في الاعتبار الاتهامات القائمة منذ فترة طويلة ضد الولايات المتحدة بشن صراعات من أجل النفط ضد دول مثل العراق وليبيا، شعر العسكريون بالحرج من خطة ترامب للاستيلاء على الموارد. لكن الخطة تؤتي أوكلها الآن، فقد ذكرت تقارير أن شركة أميركية توصلت لصفقة لتطوير حقول النفط.
وفي عام 2013، قرر أوباما أنه يريد توجيه ضربة لسوريا رداً على استخدامها أسلحة كيماوية وسعى إلى الحصول على تفويض من الكونجرس للقيام بعمل عسكري كما يتطلب القانون بموجب «قرار سلطات الحرب» لعام 1973. وحين اتضح أن المشرعين وناخبيهم القلقين من الحرب لا يؤيدون مثل هذا الإجراء، تراجع أوباما محقاً عن إصدار أوامر توجيه الضربات. بينما لم تبال إدارة ترامب بالاشتراطات القانونية والدستورية التي تحدد الدور الرئيسي للكونجرس في إرسال القوات إلى أعمال القتال الوشيكة.
ويعترف ترامب أن سياسته في سوريا تعني «أننا ربما نضطر للقتال من أجل النفط» متباهياً بأن أي طرف آخر يسعى للحصول على النفط «سيكون أمام حرب ضروس». وحين سئل وزير الدفاع الدفاع الأميركي مارك إسبر عما إذا كانت خطة ترامب تتضمن اعتراضاً مباشراً للقوات الروسية والسورية الحكومية، أعلن الوزير قائلاً «الإجابة المختصرة هي نعم».
والنتائج المتوقعة لهذه السياسة وصلت مرحلة الكارثة. فبعد ما يقرب من سبع سنوات من منع الكونجرس لأوباما من التورط مباشرة في عمل عسكري ضد روسيا والحكومة السورية، تمعن إدارة ترامب صراحةً في توريط أميركا في الصراع ذاته الذي رفض الكونجرس والشعب الأميركي بشدة التورط فيه. وإذا لم يكبح الكونجرس هذا الرئيس الآن فسيتزايد احتمال التصعيد فحسب.
ولحسن الحظ، يوجد في «قرار سلطات الحرب» حل لهذا الوضع. فبموجب القانون، من حق أي عضو في الكونجرس طلب المناقشة والتصويت على تورط أميركا في عمل عسكري في الخارج. لقد حان الوقت لمن يدافعون عن الدستور من اليمين واليسار ويعارضون حقاً الحروب التي لا تنتهي أن يستخدموا هذه الأداة لطرح القضية والتصويت على هذه المهمة الخطرة التي لا تحظى بتفويض. والشعب الأميركي وأفراد القوات المسلحة يستحقون أن يروا ما إذا كان نوابهم يتصدون لمهمة غير دستورية لتوفير النفط ومواجهة روسيا في سوريا.
وواضعو دستورنا أوكلوا مسؤولية قرار خوض الحرب إلى الفرع التشريعي وليس للفرع التنفيذي. ويتعين على الكونجرس الآن تأكيد سلطاته مرة أخرى.
*ناشرة ومحررة مجلة ذي نيشن
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»