لاحظ الجميع بانزعاج وقلق وحزن وأسف ما يتراشق به الأشقاء من بين أبناء دول المنطقة كلها هذه الأيام عبر الأثير، من كلمات نابية ورخيصة، لا تتماشى وعرفنا المبصر والمهذب. استغربنا هذا الأسلوب المتدني من قبل (المتنطعين)، لم نتعود عليه من قبل في دولنا الخليجية والعربية، ولا تسمح به تركيبتنا الاجتماعية التي عودتنا على الهدوء والاحترام المتبادل والانضباط والتروي، وعدم التراشق بالكلمات المغرضة والنابية المسيئة والمزعجة بالفحش والمهاترات.
مهاترات لم نسمعها أثناء الخلافات السياسية، وحتى الخلافات العائلية، بين المجتمع العربي، الذي يربطه نسق وتناغم ونسيج متجانس ومتآلف كما عهدناه وعرفناه، الذي ينتمى إلى هذه الأمة المؤمنة التي بالخير تتدفق، وأخرجت أحسن الناس، (إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن ذهبت أخلاقهم ذهبوا)!
ونحن هنا لا نطالب بميثاق شرف إعلامي أو تكميم أفواه هؤلاء المغرضين أصحاب الأصوات النائبة المزعجة والمخجلة، الذين يثيرون الفتنة والفرقة ويصبون الزيت على النار، لأن السباب لقاح الفتنة والفرقة، لكننا في وضع نحن أحوج ما نكون إلى جانب بعضنا بعضاً. وللأسف هناك من يزايدون على الناس في وطنيتهم وعروبتهم، من خلال ميولهم وانتماءاتهم الدينية وأجنداتهم الأيديولوجية الغوغائية.
وللأسف هناك من لا يدرك أن المجتمعات الخليجية يفترض أنها منظومة اجتماعية واحدة، يربطها نسيج اجتماعي واحد، مرتبط بالدين والتاريخ والجغرافيا والأعراف والسلوك، والعادات والتقاليد الهادئة المتصالحة مع نفسها، المتجذرة بهذه الأرض الطيبة، التي لم تتعود على هكذا خطاب متشنج ومقزز وزرع ضغائن وأحقاد، ولغة نابية غير مستساغة، هذه منطقة ينظر لها على أنها منبع الأصول العريقة والقيم المثلى والنبل والسمو والدين الحنيف والأخلاق العالية والموروث الإنساني الأصيل، والراسخة في مفهوم القيم العربية والسلوك الحميد من كل أطيافها ومكوناتها الدينية والعائلية والاجتماعية.
ما هذا السيل الجارف من الشتائم والتنابز بالألقاب والتشهير، وغيرها من صفات ليست هي ثقافة الفرسان وشيم الأبطال والعقلاء وخصائل الرجال الأصلاء، لم تدرج العادة أننا تلبسناها أو مارسناها حتى مع الأعداء والخصوم في أوج حالات الخلاف والنزاع والحروب. السبب هو الأصوات المتطرفة والتيارات المأجورة التي وقعت في فخ القوى المزعزعة للاستقرار في الإقليم، والتي لا تريد سوى الفوضى ونشر التطرف والإرهاب، وتفتيت وتبديد مشاريع الشعوب العربية في التنمية والتطور.
نتابع مفردات على التواصل الاجتماعي، وكأنها دخيلة وغازية علينا ومستوردة من الخارج، لا تليق بمجتمعاتنا الخليجية ولا أخلاقنا العربية الأصيلة المحافظة والعاقلة، ولا منظومة قيمنا المرتكزة على أسس ومفاهيم اتسمت بسمو الخلق وحسن المعاني والتربية. كما أن هذا الفقاعات النابية والمفردات الشاذة والكلمات السوقية المتعجرفة، لا تنسجم مع تعاليم ديننا الحنيف.
نتمنى من المغردين و«ناشري الغسيل»، أن يتساموا فوق الجراح والتجريح والسباب، وأن يبتعدوا عن الإسفاف، ويترفعوا عن ممارسات تجعلهم في الحضيض، لكي نحافظ على ما تبقى لنا من إرث آبائنا وأجدادنا، الذين تعبوا على تربيتنا، وعانوا الأمرّين لكي لا نترك فرجة للشيطان.