احتفلت الهند هذا الأسبوع بعيد استقلالها الرابع والسبعين بحماس، على الرغم من أن البلاد واقعة تحت سيطرة جائحة كوفيد -19. يذكر أن حصلت الهند على استقلالها عن البريطانيين في عام 1947، ومنذ ذلك الحين بدأت الاحتفالات بهذه المناسبة بخطاب لرئيس الوزراء الهندي من على أسوار القلعة الحمراء التاريخية، والذي يحدد فيه رؤية الحكومة وأولوياتها.
وفي هذا العام، شدد رئيس الوزراء ناريندرا مودي في خطابه بمناسبة عيد الاستقلال على أهمية الحفاظ على العلاقات مع الدول التي تشبه قيمها ديمقراطية الهند. وأكد أن الهند لم تعد تنظر إلى الجيران على أنهم فقط تلك الدول التي تشترك معها في حدود جغرافية، لكنه يشمل الجوار الممتد وتلك الدول التي أقامت الهند معها علاقات وثيقة. وفي هذا السياق، أشار مودي إلى منطقة غرب آسيا، التي تقيم الهند معها علاقات وثيقة منذ سنوات عديدة. كان تصريحه مهماً للغاية لأنه أظهر كيف تنظر الهند إلى جوارها المباشر والممتد.
تشير تصريحات رئيس الوزراء مودي بشأن الجوار إلى مدى قرب غرب آسيا من الهند ومصالحها. وأن منطقة غرب آسيا هي منطقة تركيز بالنسبة للهند عندما يتعلق الأمر بجوارها، وجانب رئيسي من سياسة الهند الخارجية. وقال في خطابه إن الجيران هم «أولئك الذين تلتقي بهم مشاعرنا وقيمنا». وهنأ دول الخليج العربي واصفاً إياها بجيران الهند الممتدين، لتقديمها المساعدة للجاليات الهندية الكبيرة هناك خلال وباء كورونا. وشكر مودي حكومات دول الخليج وقال إن «الهند مدينة لكل هذه الدول على مساعدتها للجالية الهندية خلال أزمة فيروس كورونا من خلال تلبية طلبات الهند نيابة عنها».
وتأتي إشارته إلى العلاقات الوثيقة مع دول غرب آسيا في سياق دول مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والكويت والبحرين وعمان، في ظل جهود الهند المستمرة لتعزيز العلاقات مع دول الخليج العربي. وفي خطابه للأمة الذي استمر 90 دقيقة، ذكر أن عددا كبيرا من الأشخاص من الهند يعملون في العديد من هذه البلدان، وأن هذا جانب واحد فقط من العلاقة الوثيقة التي تتمتع بها الهند مع الخليج. وأوضح أن الهند قد عززت علاقتها مع جميع البلدان في جوارها الممتد في السنوات القليلة الماضية، وشدد على أن «العلاقات السياسية والاقتصادية والإنسانية مع هذه البلدان قد تطورت، وتضاعفت الثقة»، وأكد أن العلاقات الاقتصادية، ولا سيما في قطاع الطاقة، تظل مهمة للغاية مع هذه البلدان.
علاقات أمن الطاقة بين الهند، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية هي الأقوى، حسب «مودي»، مشيراً إلى أن العلاقات بين الهند والمملكة العربية السعودية، أكبر مورد للنفط إلى الهند، قد تعززت منذ سنوات. وبعد إقامة العلاقات الدبلوماسية بعد استقلال الهند في عام 1947، قام الجانبان بتبادل زيارات رفيعة المستوى ونمت العلاقات بشكل مطرد لتشمل مجالات جديدة للتعاون. وبالمثل، تعد الإمارات العربية المتحدة ثالث أكبر شريك تجاري للهند بعد الصين والولايات المتحدة في مؤشر واحد فقط على أهمية هذه العلاقة. وقد شكلت العلاقات الاقتصادية والتجارية العميقة الأساس لنمو العلاقة التي تنوعت في عدد من المجالات الاستراتيجية على مر السنين.
إن الهند «تقيم علاقات عميقة على أساس الأمن والتنمية والثقة مع الدول المجاورة لها، سواء كانت متصلة عن طريق البحر أو البر. وتعد منطقة الخليج العربي ذات أهمية بالنسبة لنيودلهي ليس فقط فيما يتعلق بالأمن في إمدادات الطاقة ولكن أيضا لأنها موطن لحوالي 10 مليون هندي، يعملون ويرسلون الأموال إلى عائلاتهم في الوطن. وقد سعت حكومة «مودي» إلى تكثيف مشاركة الهند ليس فقط مع عرب الخليج، ولكن أيضاً مع بقية العالم العربي فيما تسعى لجذب الاستثمار الأجنبي. في حين الحكومات السابقة أيضا قد عززت العلاقات الهندية مع دول الخليج، إلا أن مودي يولي اهتماماً خاصاً بهذه المنطقة.
ومن الأهمية بمكان أن رئيس الوزراء الهندي قد أشار إلى علاقات الهند مع دول غرب آسيا. وربما تكون هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها رئيس وزراء هندي عن علاقات الهند مع دول الخليج خلال خطاب يوم الاستقلال. وهذا يعكس الأهمية التي توليها الهند لعلاقاتها مع العالم العربي.
*رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي