لقد أدّب الله تعالى بني إسرائيل بالتيه أربعين سنة كي يعرفوا طريق الحق ويتبعوه. ونحن كعرب لنا ستون سنة تائهون في طريق تحرير فلسطين؛ لأننا غلبنا العاطفة على العقل، فبينما نجحت إسرائيل خلال هذا التاريخ في بناء شراكات خارجية فاعلة مع الدول المؤثرة وكان رصيدها الإنجاز، كانت الدول العربية تتسول العالم كالأيتام على موائد اللئام. أتمنى منك أخي العربي أن تخلع عنك قبعة العاطفة كي يتحرر عقلك وترى بعين البصيرة لماذا أقدمت الإمارات على مشروع السلام مع إسرائيل، وهو حق سيادي.
أيها العربي الذكي: إن المتاجرة بالقضية بدأت من داخل فلسطين، فبينما يعيش أهل فلسطين حياة اللجوء في الخارج أو دون مستوى الفقر في الداخل تجد عوائل قادة الفصائل منعمين في قصورهم وأرصدتهم تضيق بها بنوك العالم، أليس من العيب أن تتوحد غزة ورام الله ضد الإمارات وتتصارع حول علاقتها بمن اغتصب أرضها؟ فلسطين بحاجة لقيادة شابة تحقق للشعب الفلسطيني ما يريد في الواقع وليس بالأمنيات والشعارات.
أيها العربي الذكي: حول فلسطين تجار آخرون، فـ«فيلق القدس» وجناحه الحزبي في لبنان بعد أن تمكنوا من حراسة الحدود الشمالية لإسرائيل، ضاعت بوصلتهم في طريقهم إلى القدس، فدمروا لبنان بحروب وهمية، وحطموا الشام، وخربوا العراق ومزقوا اليمن، وليس من مصلحتهم تحرير فلسطين، ففي ذلك نهايتهم.
أيها العربي الذكي: منذ ستين سنة، هناك دولة مسلمة لديها اعتراف بإسرائيل والعلاقات الاقتصادية بينهم بالمليارات، إضافة للتعاون الأمني والعسكري. هذه الدولة تفكر في سحب سفيرها من أبوظبي بدلاً من طرد السفير الإسرائيلي من عاصمتها، وفي حربهم الإعلامية من أجل المتاجرة بالقضية، رحبوا بكل من قرر الهجرة من وطنه من «الإخوان» ليس محبة فيهم، ولكن لاستثمارهم كأبواق ناعقة ضد دولهم ولتشويه المنجزات، التي تحققت في أوطانهم فأين منطقهم؟
أيها العربي الذكي: احتلت الجارة إيران جزر الإمارات الثلاث، لكن القرار الإماراتي، كان بنبذ الحل العسكري والدعوة للحوار الثنائي أو التحكيم الدولي لحل تلك الأزمة، ولم يمنع ذلك العدوان أن تكون الإمارات الشريك الاقتصادي الإقليمي لإيران، فالسياسة فن الممكن، وما تستطيع أن تحققه بالسلام أفضل مما تحققه بالخصام، بالمبدأ نفسه تنطلق الإمارات في تعاملها الحالي مع إسرائيل، وهذا هو القرار العربي المجمع عليه، فلا تنازل عن القدس أو الأراضي العربية المحتلة، هناك 7 دول عربية سبقت الإمارات في هذا النهج، فلِم الإنكار على الإمارات التي ترى أن خطوتها هذه تمثل باباً جديداً بالإمكان الولوج خلاله لـ«حل الدولتين» إن أرادت القيادة الفلسطينية ذلك.
أيها العربي الذكي: الإعلام الذي يداعب عاطفتك تجنبه، فهو من قادنا لهذا التأخر، هناك قناة تدعي الاحترافية كانت أول من رحب بالمفكرين الإسرائيليين على شاشاتها عندما كانت كل القنوات العربية تطبق المقاطعة الثقافية، وقد زارها في مهد عقرها رئيس وزراء إسرائيل، هذه القناة من أهدافها الاستراتيجية إشاعة الفوضى الخلاقة في المنطقة العربية؛ لذلك لو عثرت ناقة في ليوا لكانت عندهم خبراً عاجلاً، بيد أنهم لا يرون ما يجري خارج مقر عملهم.
أخي أيها العربي الذكي: أتمنى أن تعيد قراءة المقال مرة أخرى كي تضع لنفسك خريطة طريق تعينك على معرفة الحق، فتتبعه وترى من خلالها الباطل فلا تكون في صفه.