وسط تغير المعادلات حول العالم، بدأت جهود إحياء التجمع «الرباعي» الذي يتألف من الولايات المتحدة والهند وأستراليا واليابان تتسارع وتيرتها.
والتجمع الرباعي هو تجمع غير رسمي للدول نشأ بفكرة وبهدف ضمان السلام والاستقرار في منطقة الهند والمحيط الهادئ. وفي الواقع، فقد حدث هذا أثناء تسونامي 2004 ولكن في وقت لاحق كان يُنظر إليه على أنه تجمع أمني. في ذلك الوقت، شعرت الصين أنه تجمع يهدف إلى تعطيل حضورها العالمي المتنامي. لهذا السبب، بدأت الصين في ذلك الوقت في القيام بإصدار مناورة سياسية لجميع الدول ضد هذا التجمع. كما ترددت حكومتا الولايات المتحدة واليابان في المضي قدماً في التجمع الجديد، ومن ثم مات موتاً طبيعياً.
ولكن هناك الآن خطوة قوية لإحياء هذا التجمع. في الآونة الأخيرة، كانت هناك تدريبات موازية في منطقة المحيط الهادئ – الهندي، تضمنت تدريباً ثلاثياً بين الولايات المتحدة وأستراليا واليابان في بحر الفلبين من جانب، وتدريباً بحرياً مشتركاً بين الهند وأميركا في المحيط الهندي على الجانب الآخر. وقد أثار ذلك تكهنات بأن مثل هذه الأعمال يمكن أن تؤدي إلى إطلاق مناورات رباعية بين جميع البلدان الأربعة.
وتتوقف إحدى الإشارات على ما إذا كان هذا التجمع سيشهد إحياءً على ما إذا كانت جميع هذه الدول الأربع ستشارك في تدريبات مالابار. وتدريبات مالابار هي تدريبات بحرية سنوية تُجرى بين الهند واليابان والولايات المتحدة. إنها محاولة لتحسين التعاون في مواجهة التهديدات البحرية للأمن في منطقة الهند والمحيط الهادئ. وقد بدأت تدريبات مالابار كتدريب ثنائي بين الولايات المتحدة والهند، ولكنها توسعت لتشمل اليابان بشكل دائم في عام 2015. وعادة ما تتم هذه التدريبات في مياه المحيط الهندي بعيداً عن قبالة ساحل اليابان، لكنها تتم أيضا قبالة ساحل جوام في أراضي الولايات المتحدة وبحر الصين الجنوبي.
إن الجهود المبذولة للتعامل مع جميع هذه البلدان هي أيضاً جزء من سياسة الهند في منطقة المحيطين الهادئ والهندي. وكان رئيس الوزراء ناريندرا مودي قد أكد على نهج الهند منذ بضع سنوات خلال خطاب ألقاه في «حوار شانجريلا» الذي عقد في سنغافورة، حيث وصف منطقة الهند والمحيط الهادئ بأنها «منطقة طبيعية»، ووصف بالتفصيل كيف تقوم القوات المسلحة الهندية، وخاصة البحرية، ببناء وتوسيع شراكاتها في تلك المنطقة.
تدرس الهند دعوة أستراليا للمشاركة في تدريبات مالابار. وقد أشارت الولايات المتحدة بالفعل إلى أنها تعتبر مثل هذه الدعوة خطوة إيجابية. وقد عززت الهند وأستراليا مؤخراً علاقتهما من خلال قمة افتراضية. وخطى رئيس الوزراء ناريندرا مودي ونظيره الأسترالي سكوت موريسون بعض الخطوات المهمة للغاية خلال تلك القمة الافتراضية، حيث قاما بتطوير العلاقات بين البلدين إلى شراكة استراتيجية شاملة. كما أصدر البلدان «رؤية مشتركة للتعاون البحري في منطقة الهند والمحيط الهادئ» وأبرما «اتفاقية الدعم اللوجستي المتبادل»، والتي كانت هذه واحدة من تسع اتفاقيات تم توقيعها بعد القمة المتبادلة.
تعد اتفاقية الدعم اللوجستي المتبادل اتفاhgikvقية مهمة للغاية تعزز التعاون الدفاعي بين البلدين. وستسمح للجيوش في البلدين بالاستخدام المتبادل لقواعدهما، والتعاون الإنساني والإغاثة في حالات الكوارث، وتدريبات الموانئ، وتدريبات المرور. يذكر أن الهند لديها بالفعل اتفاقية لوجستية مماثلة مع الولايات المتحدة.
وفي الواقع كشفت القمة أن التعاون الدفاعي والأمني أصبح بنداً مهماً في العلاقات بين البلدين وسط أوقات غير مستقرة وديناميكيات متغيرة بين القوة الصاعدة للصين والولايات المتحدة، القوة العظمى القائمة. وبعد القمة، أشار الزعيمان إلى أن «الهند وأستراليا تشتركان في رؤية منطقة الهند والمحيط الهادئ الحرة والمفتوحة والشاملة والقائمة على القواعد لدعم حرية الملاحة والرحلات الجوية والاستخدام السلمي والتعاوني للبحار، من خلال التزام جميع الدول بالقانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار». كما ناقش الجانبان استراتيجياتهما الفردية في المنطقة بصرف النظر عن الالتزام بزيادة التعاون الدفاعي والاستراتيجي. كما ضغطا من أجل «التوصل إلى حل سلمي للنزاعات بدلاً من الإجراءات الأحادية أو القسرية».
ويبقى أن نرى ما إذا كانت هذه المشاركة تتجاوز التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف في شكل «التجمع الرباعي». وفي خضم كل هذا، يبقى السؤال حول ما إذا كان سيتم إحياء للتجمع الرباعي. كما لا يزال يتعين علينا أن نرى ما إذا كانت الهند ستدعو أستراليا للمشاركة في تدريبات مالابار. حتى الآن، لا يوجد تأكيد. وإذا خرج التجمع الرباعي إلى النور، فسيظهر بالتأكيد كمجموعة مهمة.
*مدير مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي