حققت المرأة في الإمارات إنجازات مشهودة على كافة الصعد الاجتماعية والاقتصادية والوظيفية والسياسية في حدود الإمكانات المتاحة اجتماعياً وثقافياً. فالحركة التي أتيح للمرأة الإماراتية القيام بها على كافة الأنشطة والصعد التي تهمها ناجحة بكل المقاييس، وحققت للمرأة مكاسب واضحة وضعتها في الصفوف الأمامية لإدارة شؤون الدولة والمجتمع.
وتوجد دلالات وأمثلة واضحة على ذلك، أهمها أن الدولة والمجتمع، خاصة رجالات المجتمع، هم الذين صاروا يسعون بمنتهى الجدية إلى ضمان تلك الحقوق التي أصبحت هدفاً يسعى الجميع ويتطلعون إلى تحقيقها بكل إخلاص وجدية، انطلاقاً من الإيمان الراسخ بأن دور المرأة في المجتمع لا يقل أهمية عن دور الرجل، وبكل المقاييس، وإنْ سعت العديد من الأطراف الجاهلة إلى تصوير الأمر بغير ذلك من منطلقات ثقافية واجتماعية تالية عفى عليها الزمن وأصبحت لا تساير عصرنا الذي نعيشه.
ما حققته المرأة في الإمارات من إنجازات باهرة وفي زمن قياسي هي مسألة مشرفة لنا في دولة الإمارات، فمثل هذا النجاح تسعى العديد من أمم الأرض إلى تحقيقه خلال عشرات السنين، ومن توصل منها إلى ذلك دفع أثماناً وتضحيات باهظة صارت بعدها فخورة بما توصلت إليه وتباهي به الأمم الأخرى. لذلك، فنحن في الإمارات نتباهى اليوم بما حققته لدينا المرأة ونفتخر أمام الشعوب والأمم الأخرى بكل ذلك.
ودون شك أن مقاييس النجاح أو الفشل دائماً ما تثير العديد من التساؤلات الواقعية والأخرى المعيارية في كل مجال من مجالات الحياة.
وفي سياق الحديث عن نجاحات المرأة في دولة الإمارات دائماً ما يتبادر إلى ذهني سؤالان أساسيان مهمان: الأول، هو هل تستمر المرأة في مسيرتها الناجحة وتحقق المزيد من الإنجازات التي تتطلع إليها دون أن يتم وضع العوائق أمامها؟
والسؤال الثاني الذي يبرز في ذهني بقوة هو ما إذا كان يوجد احتمال لقيام حركة تضامن نسائية إماراتية واسعة النطاق كحركة اجتماعية عصرية مميزة تشمل ربوع الدولة الاتحادية كافة ضمن مسيرتها المباركة نحو الخمسين؟
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الإمارات نجحت في احتواء بل وعلاج معظم الرواسب الثقافية التي ورثها المجتمع منذ قرون طويلة، والتي كانت تحتوي على منظومة من الأسس المرتكزة على عدم وجود المداخل المتساوية ثقافياً إلى الموارد الاقتصادية والامتيازات الأدبية المتاحة في المجتمع، ما أدى في الماضي إلى عرقلة مسيرة المرأة، وتعطيل تفعيل دورها الاجتماعي. وتميزت المرأة الإماراتية بأن مجتمعها أدرك منذ وقت مبكر أهمية الحرص على حقوقها، ومنع أي إزعاج يتسبب فيه التمييز على أساس من النوع ما بين ذكر وأنثى، والإمكانية المستمرة لفقدان النساء ذوات الدخل المنخفض لبعض حقوقهن المكتسبة لأي سبب كان.
وعبر جهود كبيرة مقرونة بعمل مؤسسي، تمت إزالة معوقات دور المرأة، بل تم تشجيعها ليكون لها مساهمة واضح في مجالات التنمية كافة. وكل هذا يتطلب الوعي بما وصلت إليه المرأة من مكانة اكتسبتها من أدوارها الإيجابية في مسيرة التنمية.
وإذا كانت الدولة قد بذلت جهوداً كبيرة في تعزيز دور المرأة وتحفيز جهودها للمشاركة في قطاعات العمل، فمن الضروري البناء على المنجزات واستثمار الوعي المجتمعي بدور المرأة، لمجابهة أية عوائق تقف أمام تطور هذا الدور، بما يعزز النهضة النسائية. ومن المهم أيضاً التعويل على ما تم إنجازه لحماية المرأة التي تقع ضمن تصنيف الفئة الاجتماعية ذات الدخل المنخفض، فبينهن نساء معرضات أكثر من غيرهن لاحتمالات ممارسات المجتمع الذكوري، وربما بعض رواسب البنى الاجتماعية الأبوية، سواء كان ذلك في صيغ اجتماعية أو أسس ثقافية موروثة.
لذلك، فإن قضية تضامن المرأة للمحافظة على الإنجازات والمكتسبات التي تحققت يجب أن تُطرق لمنع أي تغييرات على وضع المرأة في مجتمع دولة الإمارات، وللحديث صلة.
*كاتب إماراتي