يقول الكاتب الإيطالي الراحل «أمبير توايكو»: إن أدوات مثل «تويتر» و«فيسبوك» منحت حق الكلام لفيالق من الحمقاء ممن كانوا يتكلمون في الحاناة فقط، دون أن يتسببوا بأي ضرر للمجتمع، وكان يتم إسكاتهم فوراً، أما الآن فلهم الحق في الكلام مثلهم مثل من يحمل «جائزة نوبل».. إنه غزو البلهاء.
هذه الصورة التي رسم ملامحها إيكو تبدو واضحة في مجالات عدة، وتبدو أكثر وضوحاً عندما يحاول أحدهم إقناع المجتمع بأنه صاحب علم وثقافة وشهادة عليا، حتى ولو كان ذلك على حساب المجتمع ونهضة الوطن وحركته التنموية.
عندما أسمع وأرى بعض ما يحدث في أوساط ثقافية أُصاب بصدمة وخيبة أمل، لأن الأمور داخل هذه الأوساط أصبحت صعبة ومعقدة، حيث نجد أن فئة من المثقفين تحارب فئة أخرى فقط من باب الغيرة والحسد أو بدافع حب الشهرة والأضواء أو لصالح جهة ما.. وأن فئة من المثقفين تحارب فئة أخرى لأسباب لا علاقة لها بكسب المزيد من الثقافة والعلم الذي يخدم تطوير الثقافة وتنميتها.
وعندما ندرس المسألة على ضوء أمثلة كهذه، نجد أن هناك العديد من الأمراض التي يصاب بها بعض المثقفين، فتجعل أحدهم بهذه الصورة، حيث يختلط عنده الجانب الثقافي بالسلوكي والأخلاقي في القصة، صحيح أن الحركات الثقافية في هذا المسار ولدت وتربت في عالم ينضح بالتوترات السياسية والاجتماعية الحادة، وبالتحديات الاقتصادية والتنموية التي تمنع المثقف أحياناً من إيصال فكرته وخبرته وكفاءته إلى الجمهور. ومع ذلك فثمة نوعان من المثقفين: أولهما مثقف يتبع مصالحه الشخصية، وثانيهما الذي يعمل ويتحدث بموضوعية وتجرد لخدمة بلده وأمته، ولا شك في أن الصنف الثاني هو الأقل بروزاً في الساحات الثقافية.
ومع ذلك، فإن الكثير من المثقفين والأدباء والمفكرين، رغم شهرتهم الواسعة، كانوا يتميزون بالتواضع والعفة والصراحة وخدمة الآخرين والبعد عن النفعية وطلب الشهرة، وهنا يمكن أن نذكر حالتين لدور المثقف والمفكر والعالم ومكانته: أولاهما حالة الأديب الكبير محمود تيمور الذي كان، رغم انشغالاته الكثيرة، يتتبع الجديد من المقالات، ويسأل عن أصحابها من الكتاب الجدد المغمورين، فإذا وجدهم من ذوي الحاجة قدّر لهم مكافأة تعينهم على الحياة، ورغم ثرائه ومناصبه العالية، كان تيمور يتميز بعزوفه عن الأضواء التي يبحث عنها بعض المثقفين، وكان يتألم غاية التألم عندما يعرف أن أحد الكتاب يعاني ظروفاً صعبة، لذا فقد كان يضع قوائم بأسماء الكتاب أصحاب الظروف الصعبة، ليدفع لهم إعانات شهرية تعينهم على بناء حياة مستقرة.
والحالة الثانية جرت في اليونان، عندما ضربتها جائحة فيروس كورونا في مارس الماضي، ولم تأبه لما أصابها بقيةُ الدول الأوروبية الأخرى، فعقد رئيس الجمهورية اليونانية «اجتماع حرب» مع رئيس الوزراء ووزير الصحة، وطلب منهما ترشيح أحد العلماء من أصحاب الكفاءة والخبرة والمهارة، وقال الرئيس للعالم الذي تم اختياره: «اليونان في عهدتك، وكلامك فوق كلام الجميع»، ثم أعطاه صلاحية مطلقة، لقد أدركت أثينا أن أصحاب الكفاءة والمهارة والخبرة والعلم، هم السلاح القوي للبلاد في وقت المحن، وكانت اليونان من أوائل الدول الأوروبية التي تخلصت من كورونا.
هذه الصورة التي رسم ملامحها إيكو تبدو واضحة في مجالات عدة، وتبدو أكثر وضوحاً عندما يحاول أحدهم إقناع المجتمع بأنه صاحب علم وثقافة وشهادة عليا، حتى ولو كان ذلك على حساب المجتمع ونهضة الوطن وحركته التنموية.
عندما أسمع وأرى بعض ما يحدث في أوساط ثقافية أُصاب بصدمة وخيبة أمل، لأن الأمور داخل هذه الأوساط أصبحت صعبة ومعقدة، حيث نجد أن فئة من المثقفين تحارب فئة أخرى فقط من باب الغيرة والحسد أو بدافع حب الشهرة والأضواء أو لصالح جهة ما.. وأن فئة من المثقفين تحارب فئة أخرى لأسباب لا علاقة لها بكسب المزيد من الثقافة والعلم الذي يخدم تطوير الثقافة وتنميتها.
وعندما ندرس المسألة على ضوء أمثلة كهذه، نجد أن هناك العديد من الأمراض التي يصاب بها بعض المثقفين، فتجعل أحدهم بهذه الصورة، حيث يختلط عنده الجانب الثقافي بالسلوكي والأخلاقي في القصة، صحيح أن الحركات الثقافية في هذا المسار ولدت وتربت في عالم ينضح بالتوترات السياسية والاجتماعية الحادة، وبالتحديات الاقتصادية والتنموية التي تمنع المثقف أحياناً من إيصال فكرته وخبرته وكفاءته إلى الجمهور. ومع ذلك فثمة نوعان من المثقفين: أولهما مثقف يتبع مصالحه الشخصية، وثانيهما الذي يعمل ويتحدث بموضوعية وتجرد لخدمة بلده وأمته، ولا شك في أن الصنف الثاني هو الأقل بروزاً في الساحات الثقافية.
ومع ذلك، فإن الكثير من المثقفين والأدباء والمفكرين، رغم شهرتهم الواسعة، كانوا يتميزون بالتواضع والعفة والصراحة وخدمة الآخرين والبعد عن النفعية وطلب الشهرة، وهنا يمكن أن نذكر حالتين لدور المثقف والمفكر والعالم ومكانته: أولاهما حالة الأديب الكبير محمود تيمور الذي كان، رغم انشغالاته الكثيرة، يتتبع الجديد من المقالات، ويسأل عن أصحابها من الكتاب الجدد المغمورين، فإذا وجدهم من ذوي الحاجة قدّر لهم مكافأة تعينهم على الحياة، ورغم ثرائه ومناصبه العالية، كان تيمور يتميز بعزوفه عن الأضواء التي يبحث عنها بعض المثقفين، وكان يتألم غاية التألم عندما يعرف أن أحد الكتاب يعاني ظروفاً صعبة، لذا فقد كان يضع قوائم بأسماء الكتاب أصحاب الظروف الصعبة، ليدفع لهم إعانات شهرية تعينهم على بناء حياة مستقرة.
والحالة الثانية جرت في اليونان، عندما ضربتها جائحة فيروس كورونا في مارس الماضي، ولم تأبه لما أصابها بقيةُ الدول الأوروبية الأخرى، فعقد رئيس الجمهورية اليونانية «اجتماع حرب» مع رئيس الوزراء ووزير الصحة، وطلب منهما ترشيح أحد العلماء من أصحاب الكفاءة والخبرة والمهارة، وقال الرئيس للعالم الذي تم اختياره: «اليونان في عهدتك، وكلامك فوق كلام الجميع»، ثم أعطاه صلاحية مطلقة، لقد أدركت أثينا أن أصحاب الكفاءة والمهارة والخبرة والعلم، هم السلاح القوي للبلاد في وقت المحن، وكانت اليونان من أوائل الدول الأوروبية التي تخلصت من كورونا.