أحمد شعبان (تونس، القاهرة)

شن الرئيس التونسي، قيس سعيد، هجوماً واسعاً على حركة النهضة الإخوانية، واصفاً عناصرها بأنهم خونة وعملاء ما زالوا يتوهمون تقسيم البلاد كمن يلهث وراء السراب.
جاء ذلك في كلمته خلال زيارته إلى مدينة بن قردان جنوب شرقي البلاد، بمناسبة الذكرى 14 للثورة، حسبما نشرت الصفحة الرسمية للرئاسة التونسية أمس.
وأكد سعيد ضرورة تواصل المسار الثوري لتحقيق تطهير الإدارة، حتى يكون البناء صلباً كي لا يؤول بعد ذلك إلى السقوط، في إشارة إلى تطهير المؤسسات الحكومية من جماعة الإخوان التي تغلغلت منذ سنة 2011.
في غضون ذلك، أوضح المحلل السياسي التونسي، منذر ثابت، أن الرئيس قيس سعيد يتبع نهجاً محافظاً، وليس لديه إشكال إيديولوجي مع الفكر والتيار الإسلامي، ولكن لديه إشكال سياسي مع تنظيم الإخوان وقيادته وارتباطاتهم بالخلفيات التي ينطلقون منها في سياساتهم وتحالفاتهم، وبالتالي فإن هذا الأمر قد يفضي إلى اتجاه قضائي يؤدي إلى تفكيك حركة النهضة وحظرها.
وأوضح ثابت، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الرئيس سعيد لديه احترازات حول ارتباطات وممارسات التنظيم السياسي خلال إدارة حكم الإخوان للبلاد من 2011 إلى 2021 والتي وصفت بالعشرية السوداء، إلى جانب أن الشارع التونسي حسم أمر الإخوان وحركة النهضة التي أصبحت منبوذة من عموم الشعب.
وحذر المحلل السياسي التونسي من أنه إذا ما تأزمت الأوضاع فإن جماعة الإخوان قد تعود لدى قطاع محدود وضيق داخل الرأي العام، ولن تتجاوز في وجودها الشعبي 15%، مؤكداً أنه لا مستقبل لحركة النهضة تحت حكم الرئيس قيس سعيد.
وأشار ثابت إلى وجود سردية جديدة قد يدعمها انتخاب الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، وأن هذا قد يؤدي إلى كتابة النهاية لما تبقى من الجماعات المتشددة في المنطقة العربية كلها وليس فقط في تونس.
ومازالت النهضة الإخوانية في تونس تواجه عدة ملفات أمام القضاء، وسط مطالبات في الشارع والأحزاب، بحل وحظر نشاط الحركة سياسياً للأبد.
ومنذ 25 يوليو 2021، انطلق مسار محاسبة الإخوان لتورطها في قضايا متعددة أبرزها، التآمر والتخابر، وتلقيها تمويلات أجنبية من الخارج وارتباطها بالإرهاب وقضايا التسفير، وتورط قياداتها في جرائم ضدّ أمن الدولة والاغتيالات السياسية، وتبييض الأموال.
ومن جانبه، يرى المحلل والباحث التونسي، الخبير في الجماعات الإرهابية، الدكتور أعلية علاني، أن الإخوان والجماعات المنتمية إلى نفس الفكر في تونس والعالم العربي ستدخل في مرحلة سُبات لمدة طويلة لا تقل عن عقدين من الزمن، وستبقى بعض الأحزاب التابعة لهم في المعارضة البرلمانية ولكن كأقليات.
وقال علاني في تصريح لـ«الاتحاد»، إنه ربما تتم في الفترة المقبلة مبادرات تمنح بعض قيادات «النهضة» عفواً مشروطاً وإخراجهم من السجون، لكنّ الفكر الإخواني لن يستطيع أن يكون جذّاباً لأن تنظيم وفكر الجماعة الذي ظهر في 22 مارس 1928 شارف على قرن من الوجود ولم تعرف له تجربة ناجحة في الحكم.
وأعرب عن اعتقاده بأن العديد من القيادات الإخوانية في العالم العربي ستدخل في مُراجعات نتمنى أن تكون عميقة هذه المرة، وتنتهي بمخرجات جديدة أهمها الامتناع نهائياً عن توظيف الدين في السياسة، وتحريم التكفير واستعمال العنف مهما كانت المبررات، وأخيراً إعلاء فكرة الوطن.