أحمد مراد (واشنطن، القاهرة)

تتبع الولايات المتحدة الأميركية نظاماً فريداً ومعقداً لإقرار نتائج الانتخابات الرئاسية من خلال ما يُعرف بـ«المجمع الانتخابي» الذي تُوزع فيه الأصوات على مستوى الولايات، ما يجعله المفتاح السحري لدخول البيت الأبيض، ويُعد «المجمع» مؤسسة دستورية مؤقتة تُنشأ كل 4 سنوات لاختيار الرئيس الأميركي ونائبه، وينتخب أعضاؤها أحد المرشحين نيابة عن مواطني كل ولاية.
ويضم المجمع الانتخابي 538 مندوباً عن الشعب يُعرفون بـ«الناخبين الرئيسيين»، وبحسب الدستور الأميركي فإن الهيئات التشريعية للولايات تتولى مسؤولية انتخاب الناخبين الرئيسيين، وتختلف عملية الاختيار من ولاية إلى أخرى، وتلتزم أغلب الولايات بمنح جميع أصواتها في المجمع للمرشح الذي يفوز في التصويت الشعبي داخل الولاية.
ويتطلب الفوز بالرئاسة الأميركية الحصول على 270 صوتاً من أعضاء المجمع الانتخابي، حيث يحق لكل ناخب من المجمع إعطاء صوت واحد للرئيس وصوت واحد لنائب الرئيس.
وأوضح السياسي الأميركي، الدكتور نعمان أبو عيسى، أن نظام المجمع الانتخابي تم اعتماده رسمياً في الدستور الأميركي العام 1787، ويضمن تمتع الرئيس ببعض الصلاحيات التي تجعله مستقلاً عن الكونغرس، إضافة إلى تحقيق التوازن بين الولايات الكبيرة والصغيرة.
وذكر أبو عيسى في تصريح لـ«الاتحاد» أن الكثيرين داخل أميركا يعتبرون المجمع الانتخابي نظاماً مثالياً للمحافظة على حالة الاتحاد بين الولايات الأميركية ومنع انفصالها أو تقسيمها، ما يجعله يحظى برضا غالبية الأميركيين مع اختلاف توجهاتهم الفكرية والسياسية، ولكن هذا لا يمنع أن هناك البعض يعترضون على هذا النظام ويوجهون إليه انتقادات عنيفة.
وأشار إلى أن نظام المجمع الانتخابي يحفظ حقوق السكان في الولايات الريفية التي يسكنها أعداد قليلة، وهو ما يسهم في توحيد الجغرافيا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية الأميركية، كما أن هذا النظام يوفر منافسة قوية على المستوى القومي، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يفوز أي رئيس بالاعتماد على ولايات منطقة جغرافية واحدة.
وقال السياسي الأميركي: «إن المجمع الانتخابي تُوزع فيه الأصوات على جميع الولايات، وخاصة الصغيرة منها، حيث يُعطي كل ولاية عدد يتناسب مع عدد أعضاء الكونغرس في كل ولاية، والرابح في كل ولاية يحصل على كافة المقاعد الخاصة بالولاية في المجمع الانتخابي».
وتوجد 6 ولايات أميركية تُعد الأكثر تأثيراً في المجمع الانتخابي، وهي كاليفورنيا 54 صوتاً، وتكساس 40 صوتاً، وفلوريدا 30 صوتاً، ونيويورك 28 صوتاً، وإيلينوي 19 صوتاً، وبنسلفانيا 19 صوتاً.
وأوضح الخبير في الشؤون الأميركية، وأستاذ العلاقات الدولية بجامعة جورج تاون في واشنطن، الدكتور إدموند غريب، أن المجمع الانتخابي عبارة عن جزء من نظام انتخابي معقد، يضمن أن الولايات الكبيرة ذات الكثافة السكانية العالية لا تسيطر على الولايات الصغيرة، إضافة إلى ضمان تمثيل الأقليات في النظام الديمقراطي الأميركي.
ويلتزم «الناخبون الرئيسيون» أو أعضاء المجمع الانتخابي بالتصويت لصالح المرشح الذي يختاره الناخبون في الولاية نفسها، ويحصل المرشح صاحب أعلى الأصوات على جميع أصوات المجمع الانتخابي في الولاية، ولا يحصل منافسه على شيء، باستثناء ولايتي مين ونبراسكا اللتين تقسمان أصوات المجمع الانتخابي بحسب نسبة الأصوات التي يحصل عليها كل مرشح.
وقال الخبير في الشؤون الأميركية في تصريح لـ«الاتحاد»: «إن هناك الكثيرين في أميركا يعارضون نظام المجمع الانتخابي ويطالبون بتغييره والاعتماد على التصويت الشعبي، ولكن في الواقع التغيير سيكون صعباً للغاية، فإذا تم الاعتماد على التصويت الشعبي فقط فستكون الولايات الكبيرة مثل كاليفورنيا ونيويورك وبنسلفانيا هي من تحدد اسم الرئيس الأميركي في كل انتخابات، وفي المقابل تفقد الولايات الصغيرة الكثير من مميزاتها ونفوذها وحقوقها.
وبحسب المتبع دستورياً وقانونياً بعد الانتهاء من عمليات التصويت الشعبي فإن أعضاء المجمع الانتخابي يجتمعون في أول يوم اثنين من شهر ديسمبر في عواصم ولاياتهم لاختيار الرئيس ونائبه، وتُنقل النتائج إلى الحكومة الاتحادية لتعلن النتيجة الرسمية للانتخابات في جلسة مشتركة مع الكونغرس تُعقد في السادس من يناير، وفي حال عدم حصول أي مرشح للرئاسة على أغلبية الأصوات في المجمع الانتخابي، يختار مجلس النواب الرئيس من بين 3 مرشحين حاصلين على أعلى عدد من الأصوات، على أن تمثل كل ولاية بصوت واحد.
وبناء علي نظام المجمع الانتخابي، قد لا يفوز بالرئاسة المرشح الذي يحصل على أعلى عدد من الأصوات في التصويت الشعبي، وهو ما حدث بالفعل في عدة مرات حسم فيها المجمع الانتخابي نتائج الانتخابات رغم اختلافها عن أصوات الناخبين، من بينها انتخاب جورج بوش الابن في عام 2000 ودونالد ترامب في عام 2016.