أكرم ألفي (القاهرة)

في عشرينيات القرن الماضي، كانت ولاية ماساتشوستس تمثل حجز الزاوية في الانتخابات الرئاسية الأميركية، عندما كانت تستحوذ على 18 صوتاً في المجمع الانتخابي ضمن الـ10 الكبار من الولايات، ولكن مع تقلص نسبة سكانها من إجمالي قاطني الولايات المتحدة غربت شمسها «سياسياً»، وتقلص عدد أصواتها في المجمع الانتخابي إلى 11 فقط.
ماساتشوستس لا تشهد معركة حامية في سباق البيت الأبيض، فهي ولاية «زرقاء» ستمنح أصواتها الـ11 لكاملا هاريس بنسبة تتجاوز 65% من أصوات ناخبيها (بحسب الاستطلاعات)، وهي ولاية ديمقراطية منذ انتخابات 1928 باستثناء التصويت مرتين لكل من داويت ايزنهاور، ورونالد ريجان عندما كان الموج «الأحمر» عاتياً في كل الولايات الأميركية. 
وكانت الولاية هي الوحيدة تقريباً التي انحازت للمرشح الديمقراطي جورج ماكغفرن في هزيمته الساحقة أمام ريتشارد نيسكون في انتخابات 1972. ففي هذه الانتخابات حصل ماكغفرن على 17 صوتاً بالمجمع الانتخابي، 14 من ماساتشوستس و3 من مقاطعة كولومبيا «العاصمة واشنطن».
ولاية ماساتشوستس هي ولاية ساهمت في تأسيس الاتحاد ضمن 13 «مستعمرة» في فبراير 1788، وبالتالي شاركت في جميع الانتخابات الرئاسية الـ59 السابقة، وهي ولاية تشهد غروباً ديموغرافياً منذ 100 عام. فعدد سكانها اليوم يبلغ نحو 6.9 مليون نسمة بنسبة 7.4% من سكان الولايات المتحدة مقابل 20% قبل قرن من الزمان.
تراجع حصة ماساتشوستس من سكان الولايات المتحدة ترافق مع زيادة نسبة التنوع العرقي في الولاية، حيث أصبح البيض يشكلون 69% من السكان مقابل 76% في 2010 و80% في 1990 و95% في 1970. 
بالتوازي ارتفاع نسبة السكان اللاتينيين «الهسبانيك» إلى 13.1% من السكان مقابل 9% قبل 14 عاماً فقط، بينما ارتفعت كذلك نسبة السكان من أصول أفريقية إلى 7.5% وهي نفس نسبة الآسيويين في الولاية، فقد ارتفع ما يعرف بمؤشر التنوع بالولاية إلى 61% مقابل 54% في 2010. هذا التنوع في الولاية صاحبة الشهرة العالمية في التعليم الجامعي صاحبه زيادة النفوذ السياسي للحزب الديمقراطي، ولكن جاء التهديد على نفوذ الحزب من ارتفاع نسبة كبار السن «فوق 65 عاماً» إلى 18% من إجمالي السكان، وهي الكتلة التي قد تدفع إلى نجاح عدد من المرشحين الجمهوريين في انتخابات مجلس النواب. 
سياسياً، كانت الولاية تشتهر بابنها جون أدامز ثاني رئيس للولايات المتحدة الذي يعد من أشهر من جلسوا على المكتب البيضاوي تاريخياً، ولكن منذ خمسينيات القرن الماضي، أصبحت ترتبط بعائلة كينيدي الشهيرة.
الانتخابات في ماساتشوستس محسومة رئاسياً لصالح هاريس، فترامب يدرك أنه ليس لديه أمل في ولاية التنوع العرقي والشباب المتعلم، ولكن على صعيد انتخابات الكونجرس فالوضع مغاير نسبياً. وهو ما يظهر في ارتفاع نسبة التصويت المبكر في الولاية التي بلغت 31% من إجمالي الناخبين في أول نوفمبر 2024 وقبل الانتخابات بيومين.
في انتخابات الكونجرس، يبرز دور كبار السن، والتي تهدد ميولهم الأكثر محافظة، هيمنة الديمقراطيين على ممثلي الولاية في الكونجرس وعلى المجلس التشريعي للولاية، فالديمقراطيين يحتفظون في الولاية الزرقاء بـ«الثلاثية» من حاكم ديمقراطي وأغلبية قوية في مجلس الشيوخ، ومجلس النواب بالولاية بنسبة تزيد عن 80%.
إن خوف الديمقراطيين من أصوات كبار السن يتمحور في محاولة الجمهوريين النفاذ بأحد أعضاء مجلس النواب عن الولاية الـ9. وهي المحاولة التي يحاول الديمقراطيين وأدها عبر اقتراح تقنين زراعة المخدرات – وفقاً لقيود خاصة. فالديمقراطيون يراهنون على إعادة انتخاب اليزابيث وارين في مجلس الشيوخ والحصول على المقاعد الـ9 في مجلس النواب من ولايتهم المفضلة.
في النهاية، لن تشاهد طوابير طويلة أمام مراكز الاقتراع يوم 5 نوفمبر في مدينة بوسطن أو المدن الأخرى بولاية ماساشوتس، حيث ستكون الأغلبية قد صوتت فعلاً عبر البريد أو التصويت المبكر، ولن تنتظر نتائج مختلفة عن حصول هاريس على أصوات الولاية في المجمع الانتخابي وفوز الديمقراطيين بالمقعد في الشيوخ الذي يجرى عليه التصويت، ولو ظهرت النتيجة بفوز الديمقراطيين بمقاعد مجلس النواب، فاعرف أن رياح التغيير لم تهب على الولاية العتيقة.