أكرم ألفي (القاهرة)
فيرمونت ولاية أميركية صغيرة تحمل في جعبتها 3 أصوات فقط في المجمع الانتخابي، ولكنها شهيرة بكونها صاحبة اللون الأزرق الداكن في خريطة الانتخابات الرئاسية، فهذه الولاية منحت المرشح الديمقراطي بايدن 66.1% من أصواتها في انتخابات 2020، وبالتالي فأصواتها ستذهب حتماً لكامالا هاريس، بل ستكون أول أصوات تسقط في جعبة المرشحة الديمقراطية مع غلق أبواب التصويت بالولاية الساعة 7 مساء 5 نوفمبر 2024 بتوقيت واشنطن.
فيرمونت كانت أول ولاية يتم قبولها بعد الولايات الثلاث عشرة الرئيسية إلى الاتحاد في مارس 1791، وشاركت في كل انتخابات منذ عام 1792.
وكانت تنحاز للمرشح الجمهوري منذ تأسيس الحزب «الأحمر» في 1854 إلى انتخابات 1988 باستثناء انتخابات 1964 بانحيازها إلى ليندون جونسون، ولكن منذ 1992 أصبحت الولاية مع بيل كلينتون ديمقراطية جداً.
وسجلت في انتخابات 2008 تصويتاً تاريخياً بحصول باراك أوباما على 67.5% من أصواتها في أعلى نسبة يحصل عليها مرشح ديمقراطي بولاية أميركية عبر نصف قرن.
إن الولاية الصغيرة يقطنها أكبر نسبة من البيض في أميركا بنسبة تزيد على 95%، ولكن ارتفاع مستوى التعليم بها وقوة حركة المرأة وثقافتها تدفعها إلى الانحياز إلى الحزب الديمقراطي، حيث يتخذ سكانها موقفاً متشدداً لصالح «حق الحياة» وحقوق المرأة.
إن التناقضات السياسية لا تغيب عن ولاية «الجبل الأخضر»، حيث إن الولاية التي يسيطر على تمثيلها في مجلس النواب الحزب الديمقراطي منذ عام 1990، يقودها الحاكم الجمهوري فيل سكوت منذ عام 2016. وهي في الوقت نفسه ولاية السيناتور الديمقراطي الشهير بيتر ويلش الذي كان أول سيناتور ينادي بانسحاب جو بايدن من الانتخابات الرئاسية.
إن تناقضات فيرمونت «البيضاء» تنعكس في آراء حاكمها الجمهوري فيل سكوت والسيناتور الديمقراطي بيتر ويلش، حيث إن سكوت الذي يخوض معركة واضحة مع ويلش بشأن الكثير من القوانين الخاصة بالولاية يعد أحد أهم معارضي دونالد ترامب داخل الحزب الجمهوري بل أعلن في 2020 صراحة التصويت لصالح المرشح الديمقراطي جو بايدن.
في المقابل، يعد ويلش أحد أصوات المعارضة داخل الحزب الديمقراطي خاصة بشأن تشكيل الحزب وإداراته ومواقفه من القضايا الرئيسية.
إن الحالة الخاصة لفيرمونت تثير فضول الباحثين والمحللين السياسيين في الولايات المتحدة، حيث يرى كثيرون أن سكان الولاية الصغيرة يفضلون حالة التوازن بين حاكم جمهوري «معارض» و3 ممثلين ديمقراطيين في مجلس النواب والشيوخ.
إن تركيبة فيرمونت السياسية والاجتماعية هي تعبير عن رياح التحولات الديموجرافية في الولايات المتحدة خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، حيث انتقل عشرات الآلاف من الشباب اليساري من نيويورك وواشنطن إلى ولاية «الجبل الأخضر» بحثاً عن الطبيعة وفرص سكن أرخص، ومع وصول هؤلاء الشباب بالآلاف انتقلت فيرمونت من اللون الأحمر إلى اللون الأزرق.
ويبدو أن هؤلاء الشباب حاملي ثقافة «الهيبز» ومستعمي موسيقى «البيتلز» أصبحوا أكثر اعتدالاً، فيسعون للتوازن السياسي داخل الولاية بحصول المرشح الجمهوري على منصب الحاكم، فيما لا يمكنهم التسامح مع مرور العقود مع الخطاب المحافظ للمرشح الجمهوري دونالد ترامب، فهنا في فيرمونت ستسمع صوت «تراث البيتلز»، وستجد أبنائهم «طلاب الجامعات» أكثر تحرراً نتيجة تربيتهم ولكنهم لم يعودوا متمردين مثل آبائهم، إنها قصة «فيرمونت».