أحمد عاطف (القاهرة)

في ظل التحولات الاقتصادية العالمية المتسارعة، يمثل الاقتصاد الرقمي ركيزة أساسية لتحقيق النمو المستدام والتنافسية بين الدول، وأظهرت مجموعة البريكس مرونة كبيرة خلال السنوات الأخيرة في مواجهة التحديات العالمية؛ بفضل تبنيها المتزايد للتكنولوجيا الرقمية.
ووصف خبراء انضمام الإمارات إلى المجموعة بأنه إضافة كبيرة في مسيرة تطور الاقتصاد الرقمي للمجموعة، حيث تعتبر الإمارات من الدول الرائدة في مجال التحول الرقمي، مما يتيح فرصة كبيرة لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات بين أعضاء التكتل، وبناء اقتصادات رقمية مستدامة، تعتمد على الابتكار التكنولوجي، كوسيلة قوية لمواجهة التحديات المستقبلية. 
وقال الدكتور علي الخوري، رئيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي: إن انضمام الإمارات إلى مجموعة «بريكس» يأتي في لحظة استراتيجية، حيث تلعب التكنولوجيا دوراً محورياً في الاقتصاد العالمي، فيما تحتل الإمارات مركزاً متقدماً في الجاهزية الرقمية والتنافسية العالمية، وفقاً لتقرير الأمم المتحدة للتجارة والتنمية لعام 2024.
 وأضاف الخوري لـ«الاتحاد»، أن الإنجازات التي حققتها الإمارات في البنية التحتية الرقمية والأمن السيبراني ونجاحها في تطوير نماذج أعمال قائمة على الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية تضعها في موقع استراتيجي يمكنها من نقل خبراتها لدول «بريكس» الأخرى.
 وأشار الخوري إلى أن الإمارات لديها ميزة إضافية، تتمثل في دورها كـ«قوة دافعة» داخل «بريكس» لتحقيق التحول الرقمي الشامل، حيث يمكن لدورها الريادي أن يسهم في تسريع وتيرة التحول الرقمي للمجموعة، وهو ما يساعد في التعامل مع التحديات الرقمية المستقبلية.
وبحسب رئيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، فإن تبادل الخبرات بين أعضاء مجموعة «بريكس» يمثل فرصة للتطور الجماعي، حيث يمكن تبني الحلول الرقمية التي تسهم في تطوير القطاعات الحيوية، مثل الصحة والتعليم والتجارة الإلكترونية، وهو ما يقلل من الفجوة الرقمية، ويعزز تكامل الاقتصادات الرقمية للمجموعة.
كما يمكن تطوير منصات رقمية مشتركة تسهم في تحسين الكفاءة الاقتصادية للمجموعة، مثل أنظمة الدفع الإلكترونية الموحدة، التي ستسهل التجارة بين الأعضاء وتخفض التكاليف، ونقل الخبرات في تقنيات الإنتاج الضخم الذي يساعد في بناء بيئة اقتصادية رقمية تنافسية.
وكانت دول «بريكس» قد وضعت خطة للتعاون والتنمية في مجال الاقتصاد الرقمي من خلال اتفاق إطاري يشمل المصادقات الرقمية، والمدفوعات الإلكترونية، وخصوصية البيانات وأمنها، إلى جانب المجالات المتطورة الأخرى في الاقتصاد الرقمي، مثل التشارك في بناء فضاء سيبراني سلمي وآمن ومنفتح، وتعزيز التنمية السلمية للاقتصاد الرقمي.
 ومع إشارته إلى أن أعضاء «بريكس» على مستويات مختلفة من التطور الرقمي، يشدد اتفاق المجموعة على الحاجة إلى تعاون أكبر للتغلب على الفجوة الرقمية وتضييق الهوة في مجالات البنية التحتية الرقمية والتكنولوجيا الرقمية والخدمات الرقمية.
وتحدد الوثيقة أيضاً الاتجاهات والمجالات الرئيسة للتعاون، بالإضافة إلى تدابير التعاون بشأن الاقتصاد الرقمي.
من جانبه، قال بلال الحفناوي، استشاري التحول الرقمي والتقنيات الحديثة، إن الاقتصاد الرقمي له أهمية بالغة لدول «بريكس»، فالنهوض بهذا القطاع يمكن أن يسهم في تحفيز النمو الاقتصادي من خلال زيادة الإنتاجية، وخلق فرص عمل جديدة، إضافة إلى تعزيز القدرة التنافسية العالمية لدول المجموعة، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام.
وأضاف الحفناوي لـ«الاتحاد»، أن الشمول المالي هو جانب آخر مهم، حيث يتيح الاقتصاد الرقمي الفرصة للفئات المهمشة للوصول إلى الخدمات المالية، وهو ما يسهم في الحد من الفقر وعدم المساواة، كما يسهم في تحسين الخدمات العامة في مجالات، مثل الصحة والتعليم، ما يعزز جودة حياة المواطنين. 
وأوضح أن تعزيز الاقتصاد الرقمي ينعكس بشكل فاعل على جعل مجموعة «بريكس» قوة مؤثرة في الاقتصاد العالمي، مشيراً إلى ضرورة تفعيل التعاون في البحث والتطوير وتبادل البرامج التدريبية، وتنظيم ورش العمل والمؤتمرات المشتركة، لتمهيد الطريق نحو حلول رقمية مشتركة.
وتترأس روسيا مجموعة «بريكس» العام الجاري، تحت شعار «تعزيز التعددية من أجل التنمية والأمن العالميين العادلين».
ونظمت روسيا منذ توليها رئاسة المجموعة، أكثر من 200 فعالية سياسية واقتصادية واجتماعية، وسيكون الحدث الرئيس هو قمة «بريكس» بمشاركة عدد من رؤساء الدول، والتي ستعقد في قازان خلال الفترة من 22 إلى 24  أكتوبر الجاري.
ومجموعة «بريكس» هي رابطة مشتركة بين دول عدة تم إنشاؤها عام 2006 من قبل البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وانضمت إليها جنوب أفريقيا عام 2011، فيما انضمت كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والسعودية ومصر وإثيوبيا وإيران إلى «بريكس» منذ بداية عام 2024 الجاري.