أكرم ألفي (القاهرة) 
في «ولاية العشب الأزرق»، سينتصر «الفيل» الجمهوري حتماً.. هنا «كنتاكي» ولاية راعي البقر الشهيرة حيث المروج الخضراء الممتدة على امتداد البصر.
كنتاكي هي ولاية الرجل الأبيض.. هذه الولاية الصغيرة حصن جمهوري «آمن»، فترامب يخوض سباق الانتخابات الرئاسية وفي جعبته أصوات كنتاكي الـ8 في المجمع الانتخابي. فهي مثل كافة ولايات الجنوب، كانت تصوت حصرياً للحزب الديمقراطي منذ أن أصبحت ولاية أميركية في 1792 وحتى الحرب العالمية الثانية. ومع تحول سياسة الديمقراطيين في الخمسينيات لصالح تأييد حقوق «السود» السياسية والاجتماعية، انتقلت كنتاكي مع «أخواتها» في الجنوب إلى حصن الحزب الجمهوري.
هذا التاريخ السياسي لم يحل دون استثناءات عبر التصويت لأبناء الجنوب جيمي كارتر في 1976 وبيل كلينتون في انتخابات 1992 و1996. ولكن هنا الاستثناء لا يصنع «قاعدة»، فهذه الولاية انحازت في انتخابات 2020 لترامب على حساب بايدن بحصول الأول على 62 في المئة من أصواتها. 
عندما تتابع شاشات الانتخابات الأميركية في مساء 5 نوفمبر، فإن «كنتاكي» بأصواتها الـ8 ستحسم مبكراً جداً لصالح ترامب.. حتى أن البعض يغيب عن ذهنه أنه جرت انتخابات في الولاية الجنوبية الشهيرة. 
 إن وجود حاكم ولاية ديمقراطي لكنتاكي هو آندي باشير - كان مرشحاً ليصبح نائباً لكاميلا هاريس- لا يمثل أي تحد لترامب، فكنتاكي حسمت أمرها منذ عقود لصالح المرشح الرئاسي الجمهوري.. إن وجود باشير حاكماً لكنتاكي هو تعبير عن الولاءات التقليدية التي تحكم الولاية، حيث كان والده حاكماً سابقاً لكنتاكي لفترتين. 
كنتاكي.. أميركا «الرمز» القديم 
ولاية كنتاكي تعد اسماً مشهوراً في العالم بسبب ماركة الدجاج الشهيرة التي بدأ انتشارها من مطعم صغير في إحدى مدن الولاية إلى جانب مشاهد أفلام رعاة البقر القديمة التي حملت مشاهد مروج كنتاكي الخضراء إلى سكان المعمورة. فهذه الولاية تحمل رموزاً أميركية شهيرة عالمية وتعد تركيبتها السكانية هي الأقرب لتركيبة أميركا القديمة ما قبل الحرب العالمية الثانية.
 ففي كنتاكي، يهمين الرجل الأبيض، حيث يمثل البيض نحو 83.2 في المئة من السكان أغلبهم يعملون في المزارع الكبيرة والتجارة ويواظبون الذهاب إلى الكنيسة، فهي ولاية من الولايات المحافظة «النادرة» في الولايات المتحدة.. هنا القيم المحافظة تهيمن بما فيها هيمنة الملابس المحتشمة والقيم الدينية التقليدية.. وبالتوازي، فإن ذوي الأصول الأفريقية لا يمثلون سوى 7.8 في المئة من السكان، بينما اللاتينيون أقلية لا تزيد على أربعة في المئة، بينما يختفي الآسيويون تقريباً من شوارعها.
إنها ولاية الضواحي والريف الممتد والقيم الأميركية التقليدية والقديمة والتي يحافظ أبناؤها من أصحاب الأصول الإنجليزية والألمانية والإيرلندية على القصص القديمة من زمن قدوم الأجداد من أوروبا إلى النضال من أجل أميركا والحسرة على ما حدث في المجتمع الأميركي من تحولات على يد من يعتبرونهم غرباء و«أبناء نيويورك وشيكاغو». 
إذا أردت أن تزور أميركا القديمة كما تشاهدها في أفلام رعاة البقر «الأبيض والأسود»، فعليك أن تنتقل إلى ريف ولاية كنتاكي حيث سباقات الخيل ومناجم تعدين الفحم ومعامل التبغ والمطبخ الجنوبي التقليدي وحفلات الشواء وموسيقى البلو جراس ومباريات البيسبول وكرة السلة. 
ولكنها مثل أميركا القديمة أصبحت أكبر سناً. ففي كنتاكي، يمثل كبار السن الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً نحو 17 في المئة من سكان الولاية، فيما ترتفع النسبة إلى 36 في المئة لو أضفنا من وصلوا إلى سن 50 عاماً.
في المقابل، فإن الصغار الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً يمثلون نحو 23 في المئة من السكان. 
إنها ولاية ماضية إلى مصير الانخفاض الحتمي للسكان مع ارتفاع معدلات التقدم في العمر، وانخفاض واضح في إنجاب الأطفال.. فالمدارس هناك تبحث عن طلاب والجامعات تنادي الطلاب من الخارج للمجيء.