طه حسيب (أبوظبي)
تحت عنوان «تعزيز التعاون في شرق آسيا من أجل مستقبل مستدام ومرن وشامل»، انعقدت قمة شرق آسيا التاسعة عشرة في لاوس خلال الفترة من 6 إلى 11 أكتوبر 2024. القمة تم تدشينها عام 2005 لتضم دول مجموعة الآسيان العشرة (تايلاند وإندونيسيا وماليزيا والفلبين وسنغافورة وفيتنام ولاوس وكمبوديا وميانمار وبروناي): أصبحت منتدى للحوار بين زعماء منطقة آسيا والمحيط الهادئ حول مجموعة واسعة من القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ذات الاهتمام المشترك، خاصة وأن القمة تنعقد بين دول الآسيان العشر و8 أطراف رئيسية: الولايات المتحدة الأميركية والصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية أستراليا ونيوزيلندا وروسيا الاتحادية. هذه المشاركة العالمية تخفف من حدة التوترات بين القوى الكبرى من جهة وتعزز فرص التعاون بمنطق «الكل رابح» بدلاً من سياسة الاستقطاب المعادلات الصفرية.
القمة تكتسي أهميتها من «آسيان» وأعضائها العشرة، التي برعت في عقد الاجتماعات وأيضاً في الحياد الاستراتيجي بين دولها بحيث لا يتم استقطابها في السباق الجيوسياسي بين القوى العالمية الكبرى على كسب مزيد من النفوذ بمنطقة جنوب شرق آسيا.
«آسيان» رابطة تأسست في 8 أغسطس 1967، وتنامت أهميتها الجيوسياسية لتكون ساحة للنمو الاقتصادي والاستثمار والتعاون الإقليمي والدولي، أهمية عبر عنها بوضوح جوزيب بوريل الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، عندما أعرب عن «رغبة التكتل في مزيد من الانخراط مع آسيان لمواجهة التوترات الجيوسياسية الإقليمية المتنامية».
«قمة شرق آسيا» تعكس الدور المتنامي لرابطة الآسيان، خاصة من الناحيتين الاقتصادية والجيوسياسية، واقتبس مقولة للدبلوماسي السنغافوري «دومينيك جوه»، وصف فيها الرابطة بأنها «تطورت إلى مجتمع نابض بالحياة، وأصبحت ثاني أنجح منظمة إقليمية في العالم، بعد الاتحاد الأوروبي». ويتوقع نائب الأمين العام للرابطة، أن تتبوأ الآسيان بحلول عام 2030 المرتبة الرابعة كأكبر اقتصاد في العالم، ووفق بيانات العام 2023 بلغ الناتج المحلي الإجمالي لدول الرابطة 3.8 تريليون دولار، وباتت «الآسيان» من أكثر المناطق استقطاباً للاستثمارات الأجنبية المباشرة التي بلغت خلال العام الجاري 230 مليار دولار.
قمة شرق آسيا أصبحت منتدى رئيسياً للحوار والتعاون حول قضايا استراتيجية وسياسية واقتصادية واسعة ذات اهتمام مشترك بهدف تعزيز السلام والاستقرار والازدهار الاقتصادي في شرق آسيا، ما يجعلها منصة مهمة بقيادة «آسيان» لمعالجة القضايا الجيوسياسية في هذه المنطقة الحيوية من العالم، عبر تعزيز الحوار والتعاون والتفاهم، وجعل المنطقة أكثر استقرارا وازدهارا. القمة طورت أولوياتها لتستقر في 6 مجالات ذات أولوية للتعاون، وهي البيئة والطاقة والتعليم والتمويل وقضايا الصحة العالمية والأمراض الوبائية، وإدارة الكوارث الطبيعية، وتعزيز العلاقات بين أعضاء «آسيان». وقد تم وضع خطط عمل لتعزيز التعاون في هذه المجالات ذات الأولوية، كما ناقشت قمة شرق آسيا التعاون في مجالات أخرى وقضايا ناشئة مثل الأمن الغذائي، والتجارة والاقتصاد، والأمن والتعاون البحري، وقضايا الأمن التقليدية وغير التقليدية.