افتتح متحف اللوفر أبوظبي، بالشراكة مع العلامة التجارية السويسرية لصناعة الساعات الفاخرة «ريتشارد ميل»، النسخة الرابعة من معرض «فن الحين» في متحف اللوفر أبوظبي. ويستمر المعرض حتى 15 ديسمبر 2024، ويسلِّط الضوء على الأعمال الفنية المعاصرة، مشكِّلاً منصة لعرض أعمال الفنانين الناشئين والمرموقين من منطقة الخليج وشمال إفريقيا.

ويُقام معرض «فن الحين 2024» تحت قبة المتحف الأيقونية، وتُعرض فيه خمس منحوتات وأعمال تركيبية مرشَّحة للحصول على جائزة ريتشارد ميل للفنون لعام 2024، أبدعها فنانون من دولة الإمارات العربية المتحدة وتونس ومصر. ويستكشف موضوع المعرض ثلاثة مفاهيم أساسية تتجلى في اللغات الرسمية الثلاث المُستخدمة في متحف اللوفر أبوظبي، وهي «awakenings» (باللغة الإنجليزية)، و«ouvertures» التي تعني افتتاحيات (باللغة الفرنسية)، و«آفاق» (باللغة العربية).

وقال مانويل راباتيه، مدير متحف اللوفر أبوظبي: «نشعر بالامتنان لاستمرار شراكتنا المتميِّزة مع ريتشارد ميل، تلك المؤسَّسة العريقة التي تدعم رؤيتنا من خلال توسيع نطاق حوارنا الثقافي، وتوفير منصة مميَّزة للفنانين المعاصرين في العالم العربي ليعرضوا من خلالها أعمالهم، ويحظوا بالتقدير، ويشاركوا وجهات نظرهم مع شريحة أوسع من الجمهور. لا يسهم هذا التعاون في إثراء المشهد الفني فحسب، بل يعزِّز أيضاً فهم كل قصة نرويها بصورة أعمق. وتعكس النسخة الرابعة من معرض فن الحين تطوراً كبيراً في مستوى نضج الذوق الفني، وتمثِّل المجموعة المختارة للمشاركة في المعرض نخبة متميزة من أبرز الفنانين، ويجسِّد هذا ما يحظى به الفن المعاصر من ابتكار وتميُّز».

وقال الدكتور غيليم أندريه، مدير إدارة المقتنيات الفنية وأمناء المتحف والبحث العلمي في متحف اللوفر أبوظبي: «تشهد نسخة هذا العام من المعرض توسُّعاً كبيراً في نطاق انتشارنا الفني، حيث تضمُّ فنانين معاصرين من شمال إفريقيا إلى جانب دول مجلس التعاون الخليجي. واختارت لجنة التحكيم، تحت إشراف المنسِّق الزائر سيمون نجامي، فنانين يقدِّمون أعمالاً تجسِّد بشكل رائع التفاعل بين التحوُّل والحوار الثقافي والعلاقة الدقيقة بين التراث والحداثة».

ويسلِّط معرض فن الحين 2024 الضوء على خمسة أعمال فنية هي، عمل «حرث الأرض» للفنانة التونسية الفرنسية فريال دولان زواري، ويمثِّل استكشافاً متعدد الأبعاد للذاكرة والمناظر الطبيعية من خلال الأعمال التركيبية والمنحوتات والمنسوجات. ويصوِّر عملها التفاصيل الحسِّية، والتفاعل بين العالمَيْن الطبيعي والاصطناعي، ليكشف لنا كيفية تداخُل العناصر الشخصية والبيئية وتطوُّرها بمرور الزمن.

وتُحَوِّل الفنانة الإماراتية لمياء قرقاش، من خلال عملها «كرة المبتدئين»، رمال دولة الإمارات إلى منحوتة على شكل كرة شاطئية بحجم مترين، حيث تتعمَّق في استكشاف الهُوية العربية والتراث الثقافي من خلال رمزية الرمال. وتسعى لمياء من خلال هذه القطعة الفنية الديناميكية إلى تغيير صورة نمطية معينة وتشجيع الحوار وتجسيد الدفء والضيافة اللذَين يشكِّلان جوهر الثقافة العربية باستخدام الفن التفاعلي لتعزيز الفضول وتغيير التصوُّرات.

ويستكشف الفنان المصري معتز نصر الدين موضوعَي الشجاعة والصمود، من خلال عمله المعروف باسم «عرائس السماء»، الذي يعيد من خلاله تصوُّر الهياكل التاريخية المتطورة التي ترمز إلى شجاعة النساء في أوقات الصراع، وكأنَّ هذا العمل التركيبي جسر ممدود بين الماضي والحاضر، تتجسَّد فيه قوة النساء، ويربط بين العالمَين المادي والمتسامي.

ويُعدُّ عمل الفنانة التونسية نيسان قسنطيني «مناظر طبيعية» استكشافاً شاعرياً للتلاشي من خلال التغيُّر البطيء للمناظر الطبيعية تحت الشمع الشفاف. ويدعو هذا العمل التركيبي المشاهدين إلى التأمُّل في التحوُّلات الدقيقة وغير المرئية في كثير من الأحيان للحياة والبيئة، والتفكُّر في هشاشة الأفعال البشرية وتأثيرها من خلال شعور «بتغير حاد، لكن لطيف».

وتقدِّم سارة المهيري، وهي فنانة إماراتية من أبوظبي، عملاً فنياً بعنوان «حركة مشتركة»؛ تستكشف من خلاله الحركة داخل السكون من خلال عرض كلمة «ريح» باللغات العربية والفارسية والهندية والأردية. ومن خلال هذا العمل، تسلِّط سارة المهيري الضوء على التفاعل المعقَّد بين اللغة والثقافة والتاريخ، وتقدِّم رؤية جديدة للتطوُّر المستمر في المنطقة.

وابتكر الفنانون المختارون أعمالاً تركيبية ترتكز على تلك المفاهيم، وتعكس لحظة الانتقال من حالة اللاوعي إلى حالة الوعي، فكلمة «يفتح» عند استخدامها بصيغة المبني للمجهول أو المبني للمعلوم، تمثِّل وجهين لعملة واحدة، ويُقصَد بها افتتاح الأمر أو نقطة بدايته، أي تلك اللحظة التي يصبح فيها كل ما هو ممكن متاحاً، وهو ما يعني وضعنا أمام خيارات وقرارات بشأن الاتجاه الذي سنختاره، إنها بداية الرحلة.

ويقدِّم كلُّ فنان من الفنانين المرشَّحين تفسيراً مميّزاً لتلك المفاهيم المرتبطة بالزمن، ليطرح من خلاله وجهة نظره الفردية بشأن التفاعل بين الوقت والإدراك. وتتفاعل أعمال الفنانين أيضاً مع انسيابية الوقت لتحويلها إلى تجربة ملموسة تدعو المشاهدين إلى استكشاف مستويات الوعي والانفتاح والرؤية المتداخلة في إطار السرد الفني. وتنشِئ قبة المتحف ذات التصميم الرمزي تفاعلاً ديناميكياً بين الظلال والانعكاسات والضوء المتسلل عبرها، وهو ما يحوِّل ساحة المعرض إلى تجربة فنية آسِرة.

وقال سيمون نجامي، منسِّق معرض فن الحين 2024 في متحف اللوفر أبوظبي: «يمثِّل هذا المعرض بداية جديدة لجائزة ريتشارد ميل للفنون، فمن خلال توسيع نطاق الفئات المشاركة، سنتيح مساحة أكبر للتفاعلات والحوارات والتحديات الجمالية. ويتمثَّل الهدف من هذا المعرض في تجسيد ما شهدته ممارسات الفن المعاصر من تطوُّرات في المنطقة وخارجها. ومن السمات المميِّزة لهذا المشروع أنه مصمَّم ليتناغم مع مفهوم الملاذ الذي يجسِّده متحف اللوفر أبوظبي. وأُنتِجَت جميع الأعمال المُصمَّمة للمشاركة في هذه الجائزة بهدف إنشاء بيئة فنية غاية في الجمال ستنال إعجاب الجمهور».

واختير المرشَّحون النهائيون لجائزة ريتشارد ميل للفنون من خلال لجنة تحكيم مكوَّنة من خمسة أعضاء يرأسهم سعادة الشيخ زايد بن سلطان بن خليفة آل نهيان، مستشار في وزارة الخارجية ورئيس منصة «أ.ع.م اللامحدودة» وأحد كبار جامعي الأعمال الفنّية ورعاة مركز بومبيدو والمتحف البريطاني ومؤسَّسة الشارقة للفنون، والدكتور غيليم أندريه، مدير إدارة المقتنيات الفنية وأمناء المتحف والبحث العلمي في متحف اللوفر أبوظبي، وسيمون نجامي، المنسق الزائر لمعرض فن الحين 2024، ونجوم الغانم، الشاعرة والفنانة والمخرجة الإماراتية الحاصلة على العديد من الجوائز، ومايا أليسون، المدير التنفيذي المؤسِّس لـ«رواق الفن» في جامعة نيويورك أبوظبي ورئيس القيّمين الفنيين فيها.

وتلقَّت لجنة التحكيم أكثر من 200 عرض من فنانين من المناطق المشاركة، اختيرت خمسة أعمال فنية منها. وسيُعلَن عن اسم الفائز بجائزة ريتشارد ميل للفنون 2024 خلال حفل يُقام في ديسمبر 2024، وسيحصل الفنان الفائز على جائزة نقدية قيمتها 60,000 دولار.