طه حسيب وشعبان بلال وأحمد عاطف (أبوظبي، القاهرة)
لاقى الهجوم على مقر رئيس بعثة دولة الإمارات في العاصمة السودانية الخرطوم تنديداً عربياً واسعاً، باعتباره انتهاكاً خطيراً للمواثيق والأعراف الدولية التي تجرم الاعتداء على حرمة المباني والبعثات الدبلوماسية، ومقرات منتسبي السفارات.
وأمس الأول، دانت الإمارات، بشدة، اعتداءً غاشماً استهدف مقر رئيس بعثة الدولة في الخرطوم، من خلال طائرة تابعة للجيش السوداني، ما أدى إلى وقوع أضرار جسيمة في المبنى، وحملت الجيش المسؤولية كاملة عن هذا العمل الجبان.
وأكدت خلال بيان لوزارة الخارجية أنها ستقدم مذكرة احتجاج لكل من جامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، على هذا الاعتداء من قبل القوات المسلحة السودانية، والذي يمثل انتهاكاً صارخاً للمبدأ الأساسي المتمثل في حرمة المباني الدبلوماسية، مشددة على أهمية حماية المباني الدبلوماسية ومقرات منتسبي السفارات، حسب الأعراف والمواثيق التي تحكم وتنظم العمل الدبلوماسي.
بدورها، أعربت السعودية عن إدانتها واستنكارها استهداف مقر سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى السودان، والذي يعد انتهاكاً للقانون الدولي.
وأكدت وزارة الخارجية رفض المملكة لهذه الانتهاكات، ورفضها لأشكال العنف كافة ضد الدبلوماسيين، مشددةً على ضرورة توفير الحماية للدبلوماسيين، واحترام مقرات البعثات الدبلوماسية؛ امتثالاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية.
وأعربت وزارة الخارجية الكويتية عن إدانة دولة الكويت للهجوم الذي تعرض له مقر رئيس بعثة دولة الإمارات في الخرطوم، مؤكدة رفضها القاطع لانتهاك القوانين والأعراف الدولية.
وشددت الوزارة في بيان لها، أمس، على أهمية احترام حرمة مقار البعثات الدبلوماسية وتوفير الحماية الكاملة لها وفقاً لما نصت عليه اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961.
كما أعربت البحرين عن إدانتها واستنكارها بشدة للاعتداء السافر، باعتباره انتهاكاً خطيراً للمواثيق والأعراف الدولية التي تجرم الاعتداء على حرمة المباني والبعثات الدبلوماسية، ومقرات منتسبي السفارات.
وأكدت وزارة الخارجية في مملكة البحرين، في بيان، تضامن المملكة مع دولة الإمارات، وموقفها الثابت والرافض لجميع أشكال العنف والإرهاب التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، وتتنافى مع القانون الدولي.
كما أكدت قطر رفضها القاطع لانتهاك القوانين والأعراف الدولية، مشددة في بيان لوزارة الخارجية، على أهمية احترام حرمة مقار البعثات الدبلوماسية وتوفير الحماية الكاملة لها، بموجب اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961.
وأعربت سلطنة عُمان، خلال بيان لوزارة الخارجية، عن إدانتها وشجبها لهذه الهجمات التي تُعدُّ انتهاكاً واضحاً للمواثيق والأعراف والحصانات الدبلوماسية الممنوحة للمباني الدبلوماسية والمبتعثين الدبلوماسيين.
من جانبها، دانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين بالمملكة الأردنية الهاشمية بشدة الاعتداء.
وأكد الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير الدكتور سفيان القضاة، في بيان، إدانة المملكة ورفضها المطلق لهذا الاعتداء على مقر رئيس بعثة الإمارات في الخرطوم، الذي يمثل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي واعتداء على حرمة المقار الدبلوماسية المحمية بموجب اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية.
وأعرب القضاة عن تضامن المملكة الكامل، ووقوفها مع دولة الإمارات العربية المتحدة.
كما شددت مصر على أن الاعتداء يخالف قواعد القانون الدولي واتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لسنة 1961 التي توفر الحماية والحصانة لمقار البعثات الدبلوماسية وتنص على حرمتها في جميع الأوقات.
وأكدت مصر في بيان أصدرته وزارة الخارجية أمس، ضرورة الالتزام بأحكام القانون الدولي الإنساني وتوفير الحماية للمدنيين وسلامة مقار البعثات الدبلوماسية.
في السياق، دان معالي عادل بن عبدالرحمن العسومي، رئيس البرلمان العربي، الاعتداء الذي استهدف مقر رئيس بعثة الإمارات في العاصمة السودانية الخرطوم.
وشدد العسومي، في بيان أمس، على ضرورة العمل على حماية حرمة البعثات الدبلوماسية ومقارها، واحترام المواثيق الدولية واتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، مؤكداً رفضه القاطع لجميع أشكال العنف والإرهاب التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، وتتنافى مع القانون الدولي.
كما دان معالي أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أي مساس بالمباني الدبلوماسية ومقار المنتسبين للسفارات وفق ما تمليه المواثيق والاتفاقات الدولية، مؤكداً ضرورة تنسيق الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى وقف الحرب وحقن الدماء في السودان، والعمل على الحفاظ على وحدة وسيادة السودان وسلامة أراضيه ومؤسساته.
وأكد الكاتب والباحث السعودي عبدالله بن بجاد العتيبي، أن استهداف مقر السفير الإماراتي في الخرطوم جريمة مُدانة، لافتاً إلى أن المكان المستهدف محصن أصلاً بالقانون الدولي، وأضاف العتيبي لـ«الاتحاد» أن هذه الجريمة تأتي ضد الإجماع العربي الكامل على استقرار السودان، وعلى الخطوات اللازمة لضمان استقراره وعودته إلى حالته الطبيعية بعيداً عن الفوضى.
وأوضح العتيبي أن استهداف المقرات الدبلوماسية جريمة تتناقض مع جهود وضع حد للنزاع الدائر في السودان، كما تؤثر سلباً على الدول الساعية لكبح الصراع داخل السودان، وإنقاذ اقتصاده الذي شهد ولا يزال تردياً غير مسبوق جراء الصراع القائم حالياً.
من جانبه، قال السفير الإماراتي أحمد الحوسني في تصريح لـ«الاتحاد»: «نقف بحزم مع دولتنا في إدانة الاعتداء الذي استهدف مقر البعثة الدبلوماسية في الخرطوم»، مؤكداً أن هذا الاعتداء انتهاك سافر للمواثيق والأعراف الدبلوماسية الدولية التي تحكم وتنظم العمل الدبلوماسي، وتفرض حماية مقر البعثة.
وقال إن بشاعة الحدث تتضح أكثر في ظل مواصلة الإمارات في جهودها من أجل إعادة الأمن والسلام إلى ربوع السودان، وتقدم مساعداتها الإنسانية والطبية، لشعبه الشقيق.
بدوره، أكد الدكتور محمد البشاري، أمين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، أن الهجوم انتهاك خطير للقانون الدولي والأعراف الدبلوماسية، موضحاً أن هذه الهجمات لا تخدم سوى تأجيج النزاعات وزيادة معاناة الشعب السوداني.
وأشار البشاري لـ«الاتحاد» إلى أن موقف الإمارات واضح ومشرف في دعم استقرار السودان، حيث لعبت دوراً محورياً في تقديم المساعدات الإنسانية والدعم الدبلوماسي من أجل إنهاء الصراع وتعزيز السلام، مضيفاً أن الحل الوحيد الدائم للأزمة السودانية يكمن في الحوار الشامل الذي يضم جميع مكونات المجتمع، بعيداً عن أي تمييز أو إقصاء.
وأكد البشاري أن السودان بحاجة إلى استقرار مستدام، وأنه لا يمكن تحقيق ذلك إلا عبر الحوار البناء والجهود المشتركة.
وأكد المحلل السياسي عبدالوهاب بدرخان لـ«الاتحاد» أن الجيش السوداني لا يستطيع التنصل من مسؤولية استهداف مقر سفير دولة الإمارات في الخرطوم، فالمعروف منذ بدء الحرب السودان أن الجيش هو الطرف الوحيد الذي يستخدم السلاح الجوي.
ويؤكد حجم الدمار في مقر السفير أن الاعتداء كان متعمّداً في انتهاك مكشوف للمواثيق الدولية التي توجب احترام حصانة المقار الدبلوماسية، ناهيك عن حمايتها، ومحاسبة الجهة التي تعتدي عليها.
وأوضح الدكتور عيسى العميري، الكاتب الكويتي، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن الكويت متضامنة مع الإمارات، حيث أصدرت وزارة الخارجية الكويتية بياناً أفصحت خلاله عن إدانتها للهجوم الذي تعرض له مقر سفير دولة الإمارات في الخرطوم، وأكدت رفضها القاطع لمثل تلك الانتهاكات للقوانين والأعراف الدولية.
وأشار الدكتور هيثم عمران، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدولي المصري، إلى أن الاعتداء على المقرات الدبلوماسية من أخطر الانتهاكات التي تُرتكب ضد العلاقات الدولية، حيث تضمن المعاهدات والاتفاقيات الدولية حماية خاصة للمقرات الدبلوماسية وسلامة البعثات الدبلوماسية وأفرادها، مؤكداً أن القوات المسلحة السودانية تتحمل كامل المسؤولية عن هذا العمل الجبان والاعتداء الغاشم الذي يمثل انتهاكاً لحرمة المقرات الدبلوماسية.
وشدد في تصريح لـ«الاتحاد»، على أن القانون الدولي ينظم هذه الأمور بشكل صارم، ويركز على توفير الحماية الكاملة للمقرات الدبلوماسية وضمان سلامة من يعملون بها، وذلك من خلال عدد من المبادئ والاتفاقيات الدولية، مثل اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 والتي تحظر على الدول المستضيفة اقتحام أو الاعتداء على المقرات الدبلوماسية، كما تُلزم الدول المستضيفة باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحمايتها ومنع أي اعتداء عليها أو أي انتهاك لحصانتها، وكذلك أيضاً اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لعام 1963 والتي تنص على توفير الحماية والحصانة للقنصليات والقائمين على أعمالها، كما تفرض على الدول المضيفة مسؤولية حماية المقرات القنصلية من أي اعتداءات أو تدخلات.
وتابع عمران أنه وفقاً للقانون الدولي، تتحمل الدولة المستضيفة مسؤولية حماية المقرات الدبلوماسية وتوفير بيئة آمنة لعمل الدبلوماسيين، موضحاً أنه في حالة وقوع اعتداء على مقر دبلوماسي، تُعتبر الدولة المستضيفة مسؤولة عن اتخاذ تدابير فعالة لمنع الاعتداءات، والتحقيق في الحوادث وتقديم المسؤولين عنها للمساءلة، فضلاً عن تعويض الضرر الناجم عن أي اعتداء أو تدمير بالمقر أو الممتلكات.
وفيما يتعلق بالإدانات العربية لهذا العمل غير المشروع من قبل قوات الجيش السوداني، أكد أن المواقف العربية الرافضة لهذا الاعتداء على مقر البعثة الدبلوماسية الإماراتية في السودان من قبل الجيش السوداني تحمل دلالات متعددة على الصعيدين السياسي والدبلوماسي، وتعكس جوانب مهمة في العلاقات بين الدول العربية، مشيراً إلى أن أبرز هذه الدلالات هو التمسك بمبدأ الحصانة وحماية المقرات الدبلوماسية، بالإضافة إلى أن المواقف العربية الرافضة تؤكد الوعي التام بأهمية احترام هذا المبدأ كركيزة أساسية للعلاقات الدولية المستقرة.
وذكر عمران أن المواقف العربية تعكس حالة من التضامن العربي مع الإمارات، وقناعة مشتركة بأن الاعتداء على مقر البعثة الإماراتية في السودان ليس مجرد اعتداء على مصالح الإمارات فحسب، بل هو اعتداء على منظومة العمل الدبلوماسي العربي ككل، مضيفاً أن رفض الدول العربية لهذا الاعتداء يؤكد التزامها بالدفاع عن بعضها بعضاً في إطار حماية المصالح المشتركة.
ونوه بأن المواقف العربية تؤكد الالتزام بأمن السودان، وتعكس رغبة واضحة في دعم استقراره، وحل الأزمة بالطرق السلمية، مشيراً إلى أن الاعتداء على البعثة الدبلوماسية لا يخدم هذا الهدف، بل يزيد من تعقيد الوضع الأمني والسياسي.
من جانبه، أكد الخبير السياسي والاستراتيجي الأردني الدكتور عامر السبايلة أن استهداف مقر رئيس بعثة الإمارات في الخرطوم، عمل غير مقبول ومدان على المستويات والأصعدة كافة.
وشدد في تصريح لـ «الاتحاد»، على أن البعثات الدبلوماسية لا يمكن أن تكون جزءاً من الصراعات، ولا يمكن يمكن أن تتحول لأهداف لأي طرف، خاصة أن هناك أعرافاً وقوانين دولية حتى في زمن الحروب يجب احترامها والالتزام بها.
من جانبها، اتفقت نورهان شرارة، الباحثة في الشؤون الأفريقية، على أن التعدي على مقر البعثة الدبلوماسية الإماراتية في الخرطوم يعتبر فعلاً غاشماً وغير مقبول من الجيش السوداني.
وأوضحت شرارة لـ«الاتحاد» أن مثل هذه الأفعال تؤجّج الأوضاع الصعبة في السودان، وتعتبر عرقلة واضحة لمحاولات حل الأزمة، خصوصاً مع دخولها العام الثاني دون تهدئة أو هدنة.
وأكدت الباحثة في الشؤون الأفريقية أن المباني الدبلوماسية يجب أن يكون لها حرمتها ولا يصح المساس بها وفق المواثيق والاتفاقات الدولية، مستنكرة استهداف البعثة الدبلوماسية الإماراتية في الخرطوم التي تسعى بالأساس إلى تهدئة الأوضاع.
واستطردت: «السودان دولة عربية وأمنها القومي شأن يهم الدول العربية كافة، والتعدي الصارخ على مقر بعثة الإمارات فعل عدائي مدان ومرفوض».
وفي السياق، يرى محمد البنداري، الباحث في العلاقات الدولية، أن الاعتداء على مقر البعثة الإماراتية في الخرطوم انتهاك صارخ للقانون الدولي، موضحاً أن مقرات البعثات الدبلوماسية تُعتبر امتداداً لسيادة الدول، وبالتالي فإن أي هجوم عليها يُعد مساساً مباشراً بهذه السيادة، مشدداً على أن تلك المقرات يجب أن تكون بعيدة تماماً عن الحسابات السياسية والعسكرية.
وأكد ضرورة اتخاذ خطوات عملية لحماية مقرات البعثات الدبلوماسية من الصراعات المسلحة، بالإضافة إلى أنه يتوجب حث الجيش السوداني والأطراف الأخرى المتصارعة على تجنب الاقتراب من هذه المقرات واحترام القانون الدولي.