دينا محمود (لندن، فيينا)
تسابق العديد من مدن أوروبا، من بودابست في المجر، إلى فروتسواف في بولندا، الزمن لتعزيز دفاعاتها ترقباً لبلوغ مياه الفيضانات ذروتها خلال الأيام المقبلة.
وبدأت الفيضانات التي أطلقت العنان للدمار في وسط أوروبا، في التراجع بالعديد من الأماكن، بعد توقف الأمطار الغزيرة الناجمة عن العاصفة «بوريس»، لكن المدن والقرى الواقعة باتجاه مصب الأنهار تستعد لارتفاع مناسيب مياه الأنهار، وفقاً لما ذكرته وكالة «بلومبرج» للأنباء.
ولقي أكثر من 20 شخصاً حتفهم في أنحاء المنطقة.
واستناداً إلى الدروس المستفادة من الفيضانات الضخمة التي حدثت في عام 1997، أنفقت دول مثل بولندا والتشيك أموالاً لبناء أنظمة تحكم وخزانات لحجز المياه.
وفي الوقت الذي بدأت فيه العديد من أنحاء المنطقة جهود إزالة آثار الدمار، تتأهب بودابست لتدفقات الذروة في نهر الدانوب، والتي قد لا تبدأ إلا في وقت متأخر غداً الجمعة.
وفي أقصى اتجاه مصب النهر، تراقب السلطات الرومانية أيضاً نهر الدانوب، حيث من المتوقع أن تتضاعف التدفقات بحلول أوائل الأسبوع القادم.
وفي السياق، قالت حاكمة ولاية النمسا السفلى، يوهانا ميكل لايتنر، أمس، إن الأضرار الناتجة عن الفيضانات الأخيرة سوف تستغرق سنوات لإصلاحها.
وأضافت ميكل لايتنر: إن «إعادة الإعمار لن تأخذ أياماً أو أسابيع أو شهوراً ولكن سنوات»، مشيرة إلى أن «التضامن الوطني» سوف يكون ضرورياً.
وفي الوقت الذي تتزايد فيه حصيلة ضحايا الفيضانات التي تجتاح دول وسط أوروبا مع استمرار هطول الأمطار بغزارة على تلك البلدان، شدد خبراء على أن هذه الكارثة الطبيعية تشكل تأكيداً جديداً على تسارع وتيرة التغير المناخي في العالم، ما يوجب التحرك بشكل أكثر صرامة لمواجهته والحد من تبعاته.
وأشار الخبراء إلى أن الفيضانات الحالية في أوروبا، والتي أطلق عليها البعض اسم «فيضانات القرن»، هي الثالثة من نوعها خلال أقل من ثلاثة عقود، بعد موجتيْن أخرييْن ضربتا دولاً متضررة من الموجة الحالية، وقعت أولاهما في عام 1997، بينما كانت الثانية قبل 14 عاماً.
ولكن الخبراء حذروا من أن رقعة الفيضانات هذه المرة، ربما تكون قد اتسعت لتشمل دولاً أوروبية أخرى، ما يهدد بوقوع عدد أكبر من القتلى والجرحى، فضلاً عن تزايد حجم الخسائر المادية، التي تشمل انهيار الكثير من السدود، وطمر آلاف المنازل، وعزل قاطنيها عن العالم وحرمانهم من الماء والكهرباء.
ولفت متخصصون في مجال المناخ الانتباه، إلى تحذيرات سبق أن أطلقتها هيئة حكومية دولية معنية بالتغير المناخي، في تقرير أصدرته قبل عامين تقريباً، من أن مخاطر حدوث الفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة، ستزيد في مناطق أوروبا الوسطى، مع ارتفاع الحرارة على مستوى العالم، بواقع درجة مئوية ونصف الدرجة على الأقل.
وفي تصريحات نشرها موقع «إيست أنجليا باي لاينز» الإلكتروني البريطاني، شدد هؤلاء الخبراء على أن موجة الفيضانات الحالية، التي لم يتم بعد تحديد حجم خسائرها بالكامل، تعني أن مناخ العالم ليس في سبيله للتحسن، وأنه يتعين على مختلف الدول، اتخاذ خطوات فورية أكثر حزماً، للتعامل مع التغير المتسارع فيه.