غيدا جبيلي (بيروت)

شهد لبنان أمس، موجة ثانية من التفجيرات التي استهدفت أجهزة اتصالات لاسلكية، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، جاء ذلك فيما توالت التحذيرات العربية والدولية من خطورة التصعيد ومحاولات جر المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة.
وأوقعت موجة جديدة من تفجيرات أجهزة الاتصال «اللاسلكية» التابعة لـ«حزب الله» في لبنان أمس، 14 قتيلاً وأكثر من 450 جريحاً في مختلف أنحاء البلاد غداة هجوم مماثل غير مسبوق.
وانفجر عدد من أجهزة الاتصال اللاسلكية في الضاحية الجنوبية لبيروت تزامناً مع تشييع عناصر من «حزب الله» قتلوا أمس الأول، في انفجارات مماثلة.
وقالت الوكالة الوطنية للأنباء «رسمية»، إن دوي انفجارات سُمع في الضاحية الجنوبية لبيروت وعدد من البلدات الجنوبية نتيجة انفجار أجهزة اتصالات لاسلكية، مشيرةً إلى اشتعال سيارات وشقق نتيجة لتلك الانفجارات.
وقالت وزارة الصحة اللبنانية في بيان، إن «9 أشخاص قد قتلوا، وأصيب أكثر من 300 شخص بجروح في موجة التفجيرات الجديدة التي طالت أجهزة لاسلكية في لبنان».
واعتبر هشام الناطور، خبير تكنولوجيا اللبناني، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن عاملاً بشرياً قد يكون أدى إلى تلاعب بأبراج الاتصالات الخاصة بشبكة اتصالات الأجهزة المستهدفة، بالإضافة إلى إرسال ترددات شبيهة جداً بالترددات التي تصدر من مركز العمليات الخاص بالجهاز، والتمكن من اعتقاد صاحب الجهاز أنها من مركز قيادته والرد عليها.
ويعقد اليوم الجمعة، مجلس الأمن الدولي، جلسة طارئة لمناقشة سلسلة الانفجارات، بحسب ما أعلنت الرئاسة السلوفينية للمجلس.
وفي هذا الصدد، قال بيان للرئاسة المصرية، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي أبلغ وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أن «القاهرة ترفض أي محاولات للتصعيد في المنطقة، وأنها تدعم لبنان».
وذكر بيان الرئاسة المصرية: أكد الرئيس رفض مصر لمحاولات تصعيد الصراع وتوسعة نطاقه إقليمياً، مشيراً إلى ضرورة تحلي جميع الأطراف بالمسؤولية.
وأضاف البيان أن السيسي جدد دعم مصر للبنان، مشدداً على حرص مصر على أمن لبنان واستقراره وسيادته.
وكان وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، قد أكد في اتصال مع رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي «وقوف بلاده مع أمن لبنان وسيادته واستقراره وتضامنه معه ومع الشعب اللبناني»، وفق بيان صادر عن الحكومة اللبنانية.
وشدد الصفدي على «ضرورة وقف التصعيد الخطير الذي تشهده المنطقة، عبر الوقف الفوري للحرب على غزة والتصعيد في الضفة الغربية والتزام قرار مجلس الأمن الرقم 1701»، مؤكداً إدانة الأردن ورفضه كل عمل يهدد أمن لبنان واستقراره وسلامة مواطنيه.
من جانبه، نفى بلينكن معرفة الولايات المتحدة أو تورطها في تفجير أجهزة الاتصال اللاسلكية في لبنان.
وأمس الأول، قال وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض، إن 12شخصاً قتلوا وأصيب نحو 2750، منهم 200 في حالة حرجة، في سلسلة انفجارات متزامنة لأجهزة اتصال محمولة «لاسلكية» في أنحاء لبنان.
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من «خطر جدي» لتصعيد الوضع في لبنان، مؤكداً على خطورة حادثة انفجار أجهزة الاتصال في لبنان.
وأشار غوتيريش، إلى أن خطر انتشار الوضع بسرعة كبيرة يتهدد لبنان، قائلاً: «يجب بذل كل الجهود لمنع ذلك».
ودعا المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، فولكر تورك، إلى إجراء تحقيق مستقل في الأحداث المحيطة بانفجار أجهزة الاتصال اللاسلكي.
وقال تورك في بيان: إن «الاستهداف المتزامن لآلاف الأفراد، من دون معرفة من كان يحمل الأجهزة أو مكانها، ينتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان، وربما القانون الإنساني الدولي».
وأضاف: «يجب إجراء تحقيق مستقل وشامل وشفاف بشأن ظروف هذه الانفجارات الجماعية، ويجب محاسبة أولئك الذين أمروا بمثل هذه الهجمات ونفذوها».
كما دعت وزارة الخارجية التركية، المجتمع الدولي إلى التدخل «بأسرع وقت» لتخفيف التوتر ووقف الهجمات التي تهدد استقرار المنطقة والمنظومة الدولية.
أما المتحدث باسم الكرملين في روسيا، فقد حذر من أن «الهجوم باستخدام أجهزة البيجر، قد يشعل صراعاً إقليمياً أوسع نطاقاً».
ودان مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، حادثة تفجير أجهزة الاتصال اللاسلكية في لبنان، مبدياً «قلقه الشديد» حيال الوضع.
وفي السياق، قال سامي نادر، المحلل السياسي اللبناني، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن التصعيد غير مسبوق بحجمه وعمقه، وهذا اختراق كبير، مشيراً إلى أن الأوضاع الآن على «شفير الهاوية»، حيث قد تذهب الأمور نحو تسوية رغم أن فرض نجاحها قليلة، وقد تذهب الأمور إلى مواجهة قد لا تحمد عقباها.
وأعربت بريطانيا، أمس، عن أسفها حيال «الخسائر بين المدنيين» جراء الانفجارات في لبنان، داعيةً إلى خفض التوتر في المنطقة.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية، إن «بلاده تتابع الوضع في لبنان عن كثب، وتعمل مع شركائها في المساعدات الدبلوماسية والإنسانية».
وأضاف المتحدث أن «الخسائر بين المدنيين جراء هذه الانفجارات مؤسفة للغاية، ندعو إلى الهدوء وخفض التوتر في هذه المرحلة الحرجة».
وفي السياق، وصف رئيس وزراء إيرلندا سيمون هاريس، انفجارات أجهزة الاتصال في لبنان بأنها «وضع مثير جدا للقلق».
وأشار هاريس إلى أن ما يجب أن تراه منطقة الشرق الأوسط هو خفض التوتر وليس تصعيده.