دينا محمود (واشنطن، لندن)

اعتبر الرئيس جو بايدن، أمس، أن سلفه والمرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة دونالد ترامب يمثّل «خطراً فعلياً على الأمن الأميركي»، وذلك في أول مقابلة تلفزيونية يجريها منذ انسحب من السباق إلى البيت الأبيض.
وقال بايدن لشبكة «سي بي إس نيوز»، «احفظوا كلماتي، في حال فوزه بهذه الانتخابات، راقبوا ما سيحصل»، مضيفاً «هو خطر فعلي على الأمن الأميركي. نحن عند منعطف في تاريخ العالم. نحن كذلك فعلاً والديموقراطية هي المفتاح».
وقال بايدن إنه سينظم حملة لدعم المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس في ولاية بنسلفانيا، وهي ولاية متأرجحة مهمة في الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر. 
وتوحي أجواء حملة ترامب، أنه وفريق معاونيه باتوا ينظرون إلى المناظرات الرئاسية التي يُنتظر أن تجمعه بمنافسته الديمقراطية، بوصفها إحدى الفرص القليلة المتبقية أمامه، للإمساك من جديد بزمام المبادرة، في المعركة الانتخابية المحتدمة في الولايات المتحدة.
فبعدما كان ترامب قبل أقل من شهر من الآن، يبدو في الطريق لتحقيق فوز شبه مضمون في انتخابات الخامس من نوفمبر، عبر التغلب على منافسه وقتذاك الرئيس الديمقراطي جو بايدن، تبدلت صورة المشهد بشكل شبه جذري، بعد أن تخلى بايدن عن حملته، وسَلَّم الراية لنائبته هاريس.
ومنذ ذلك الحين، نجحت المرشحة الديمقراطية في حشد الدعم لها في أوساط أنصار حزبها، ممن كان بعضهم لا يبدي حماسة كبيرة لبقاء بايدن، المتقدم في السن، لفترة رئاسة ثانية. 
كما تمكنت من جمع مئات الملايين من الدولارات دعماً لحملتها من جانب المتبرعين، ليرتفع إجمالي الأموال التي ضُخَت في شرايين هذه الحملة، إلى أكثر من مليار دولار، لتصبح أسرع حملة رئاسية تتجاوز هذا الرقم، في التاريخ الأميركي الحديث. وتواكب ذلك، مع تزايد مطَّرد لشعبية هاريس، وفقاً لاستطلاعات الرأي، ما أدى بعد أيام قليلة من ترشحها إلى محوٍ فعلي للتقدم الذي كان يحظى به ترامب على هذا الصعيد، ما أشاع القلق في صفوف كبار مساعدي المرشح الجمهوري، ودفعهم للبحث عن سبل من شأنها، إعادة ترتيب الأوراق، واستعادة الزخم.
ويراهن المخططون الاستراتيجيون في الحملة الجمهورية، وفقاً لمراقبين، على أن تكون المناظرات التي أُكِدَ إجراء أولاها على الأقل في العاشر من سبتمبر المقبل، إحدى أهم أدوات إعادة السباق الانتخابي إلى المسار، الذي كان يمضي عليه، قبل خروج بايدن منه. ويسعى أنصار ترامب، لأن تكون تلك المناظرات «نقطة تحول تاريخية أخرى» في ماراثون انتخابي غير عادي وحافل بالتقلبات، كان من بين أبرز منعطفاته الصعود الكبير في شعبية الملياردير الجمهوري، إثر محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها في الـ13 من يوليو، قبل أن تعود الأمور إلى نقطة الصفر تقريباً، مع دخول هاريس الحلبة، بعد ذلك بأقل من أسبوعين.
ولكنّ المراقبين يشيرون إلى أن هذا الرهان من جانب ترامب وحملته يشبه ذاك الذي كان قد عَوَّل عليه الرئيس الديمقراطي نفسه، قبل مناظرة السابع والعشرين من يونيو، والتي وُصِفَ أداؤه فيها بأنه مخيب للآمال بشدة، ما أطلق سلسلة من الأحداث والتطورات، انتهت بخروجه تماماً من المشهد.
واعتبر المراقبون أن موافقة الرئيس الجمهوري السابق على المشاركة في مناظرات ضد هاريس تشير إلى أنه لا يخشى على الأرجح من مواجهة التبعات الكارثية ذاتها، التي وضعت كلمة النهاية لحملة بايدن.
حجج قوية
بحسب تقديرات خبراء نشرتها شبكة «سي إن إن» الإخبارية، لا يفتقر ترامب لـ«حجج قوية» ضد هاريس، بالنظر إلى أنها جزء من إدارة لم تتمكن من توفير حلول ناجعة لما يعانيه ملايين الأميركيين من ارتفاع في الأسعار، وما يدركونه من أوجه قصور تعانيها السياسة الخارجية للبلاد.
غير أن المشكلة، وفقاً للمراقبين، تكمن في أن ترامب لا يحرص على طرح هذه النقاط بشكل واضح في تجمعاته الانتخابية، ويعمد بدلاً من ذلك إلى استخدام استراتيجيات تخويف، مما يراه «كساداً هائلاً آتياً» و«حرباً عالمية ثالثة» قد تندلع، إذا لم يحقق النصر في الاقتراع الرئاسي، رغم أن المؤشرات الاقتصادية، لا تُنذر بحدوث ركود محتمل، أو اندلاع صراع واسع النطاق على الساحة الدولية في المستقبل القريب على أقل تقدير.