دينا محمود (بيروت، لندن)

في مؤشر جديد مُنذر بالخطر على صعيد الوضع الإنساني المتردي في لبنان منذ سنوات، كشفت تقديرات دولية حديثة النقاب، عن أن حالة الأمن الغذائي هناك، بصدد التدهور بشكل أكبر على مدار الشهور القليلة المقبلة، في ظل استمرار تصاعد الاضطرابات الإقليمية، بالتزامن مع تراجع قدرة وكالات الإغاثة، على مد يد العون لسكان هذا البلد واللاجئين إليه.
وبحسب التقديرات التي أعلنها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، من المتوقع أن تزيد نسبة من يواجهون انعدام الأمن الغذائي في لبنان، في الفترة ما بين شهريْ أبريل وسبتمبر من العام الجاري، إلى 23% على الأقل، مُقارنة بـ 19% كانوا يعانون بحلول مارس الماضي، من العجز عن تلبية احتياجاتهم الغذائية.
وتستند هذه التوقعات إلى تحليل أجراه البرنامج الأممي، باستخدام مقياس دولي، يُعرف باسم «التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي»، والذي يتم في سياقه تقييم البيانات الخاصة بالأمن الغذائي والتغذية وسبل العيش في منطقة بعينها، من جانب وكالات تابعة للأمم المتحدة، وأخرى تتبع حكومات بعض الدول، بالإضافة إلى منظمات إغاثية وخيرية غير حكومية.
وأرجع البرنامج هذه التوقعات المتشائمة، إلى تواصل التوتر المتصاعد على الصعيديْن المحلي والإقليمي، ما أدى إلى نزوح أكثر من 93 ألف لبناني من مناطقهم الواقعة قرب الحدود بجنوب البلاد، إلى قرى وبلدات ومدن أبعد صوب الشمال، مما يُشكِّل ضغطا أكبر على الاقتصاد المتداعي، منذ أواخر عام 2019.
وحالت هذه التطورات المرتبطة بتبعات الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر من العام الماضي، من دون أن يتأثر وضع الأمن الغذائي في لبنان إيجاباً بتراجع معدل التضخم في البلاد، ليصل إلى رقمين للمرة الأولى منذ عام 2020، على إثر استقرار سعر الصرف في السوق غير الرسمية، اعتباراً من أغسطس 2023.
ففي مارس الماضي، أعلن جهاز الإحصاء الحكومي بلبنان أن معدل التضخم هناك هوى بشكل حاد إلى مستوى يقارب 70.4%، مُقارنة بـ 123.21% سُجِلَت في فبراير السابق لهذا الشهر مباشرة، وهو تطور ربطه باحثون اقتصاديون في بيروت، بلجوء الشركات والمحال التجارية، إلى تسعير سلعها وخدماتها بالدولار بدلاً من الليرة المحلية، في إطار ما يُعرف بـ«الدولرة».
لكن برنامج الأغذية العالمي، كشف في تقرير نشره على موقع «ريليف ويب» التابع للأمم المتحدة، عن أن عدد الأشخاص، الذين لا يزالون بحاجة لدعم يُمَكِنّهم من تلبية احتياجاتهم الغذائية في لبنان، بلغ قرابة مليونيْن ونصف المليون شخص بحلول أبريل الماضي، وأن 1.49 مليون من بين هؤلاء، تلقوا بالفعل مساعدات من البرنامج.
ورغم أن الوكالة الإغاثية الأممية، أكدت أنها لا تزال تقدم مساعداتها، إلى ما يزيد على 600 ألف لبناني ونحو 900 ألف لاجئ سوري في لبنان، فقد أقرت في الوقت نفسه، بأن المشكلات التي تواجهها فيما يتعلق بالتمويل، والقرارات الخاصة بتخصيص جانب من ميزانيتها، لدعم المتضررين من أزمات أخرى حول العالم، قادت إلى أن تُضطر لتقليص مساعداتها للبنانيين واللاجئين السوريين، بنسبة وصلت إلى 27%، منذ نوفمبر 2023.