دينا محمود (واشنطن، لندن)

«ما أبعد الليلة عن البارحة»، هكذا جاء لسان حال غالبية المحللين السياسيين الأميركيين، تعقيباً على مجريات زيارة المرشح «الجمهوري» للسباق الرئاسي دونالد ترامب يوم الخميس الماضي إلى مقر الكونجرس، وذلك للمرة الأولى منذ الهجوم الذي شنه أنصاره على المبنى نفسه في السادس من يناير 2021، سعياً لعرقلة جلسة مشتركة عقدها مجلسا النواب والشيوخ في ذلك اليوم، للتصديق على فوز المرشح «الديمقراطي» جو بايدن آنذاك على ترامب، في الانتخابات الرئاسية.
ففي تلك الفترة، بدا عدد لا يُستهان به من القادة «الجمهوريين» غير عابئين بخسارة ترامب لمنصبه، بل وكان هناك منهم من أبدى ارتياحه لذلك، من دون اكتراث بروابط الانتماء الحزبي، وهو ما شَكلَ حينذاك مؤشراً لافتاً، يوحي بوجود صدع كبير، في صفوف الحزب «الجمهوري».
ولكن الحفاوة التي حظي بها الملياردير والمرشح الرئاسي، خلال زيارته الأخيرة لمقر «الكابيتول»، من جانب المُشرّعين المنتمين لحزبه في الكونجرس، جَسَدَّت رغبة الجانبين في إبراز وحدة الصف، استعداداً لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة في الخامس من نوفمبر المقبل، والتي سيُجرى بالتزامن معها، انتخاب كامل أعضاء مجلس النواب الـ 435، وكذلك شاغلي 34 من مقاعد مجلس الشيوخ المئة.
فالسيناتور «الجمهوري» روجر مارشال، قال تعقيباً على الزيارة: إن الجميع الآن في الحزب بات مستعداً للمضي قدماً إلى الأمام، وإن الشعور بالوحدة يسود على نحو غير مسبوق منذ أمد بعيد، وذلك في حين حرص زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، على الاحتفاء بـ «ترامب»، بعدما كان يتخذ منه مواقف سلبية للغاية في السابق.
وأكد المحللون الأميركيون أن من شأن الحفاظ على ذلك المظهر الموحد، ضخ قدر كبير من الحيوية في شرايين الحزب «الجمهوري»، خاصة في ظل نُذرٍ تشي بإمكانية فقدانه لأغلبيته الحالية في مجلس النواب، على وقع الاقتتال الداخلي الذي استعر بين ممثليه هناك خلال الفترة الماضية، ووسط مخاوف من احتمالية فشله، في استعادة الأغلبية من الديمقراطيين في «الشيوخ».
وأشار المحللون إلى أن ترامب حرص خلال الزيارة على تجنب الإدلاء بأي تصريحات مثيرة للجدل، أو الحديث على شاكلة تفجر خلافات بينه وبين الأعضاء «الجمهوريين» في الكونجرس، من قبيل مطالبتهم - على سبيل المثال - بالتصدي لما يواجهه من ملاحقات قضائية، بلغت حد صدور قرار بإدانته، في قضية تتعلق بتزوير سجلات محاسبية.
وفي أثناء الزيارة نفسها، تبنى الرئيس السابق والمرشح «الجمهوري» الحالي لهجة تصالحية، في الحديث مع المُشرّعين ««الجمهوريين» الذين سبق أن صَوَّتوا لصالح عزله على خلفية مهاجمة مقر الكابيتول في مطلع 2021.