مكة المكرمة (الاتحاد)

يختتم حجاج بيت الله الحرام، اليوم، الثالث والأخير من أيام التشريق، مناسكهم، حيث يرمون الجمرات الثلاث، كما فعلوا في اليومين السابقين وسط انسيابية في منطقة الجمار، قبل مغادرة منى متجهين إلى المسجد الحرام لأداء طواف الوداع حول البيت العتيق، بينما تتأهب المدينة المنورة لاستقبال ضيوف الرحمن القادمين إليها من المشاعر المقدسة. 
وأدى حجاج بيت الله الحرام من المتعجلين طواف الوداع، أمس، الثاني عشر من شهر ذي الحجة، وسط استعدادات مكثفة من الهيئة العامة للعناية بشؤون الحرمين برفع جاهزية الحرم، وبمشاركة الجهات المعنية العاملة في الحج لتفويج ضيوف الرحمن، وذلك وفق الخطط التشغيلية لموسم حج هذا العام وسط منظومة متكاملة من الخدمات.
وأكملت جميع الإدارات الحكومية والجهات المعنية بالمدينة المنورة استعداداتها لاستقبال الحجاج عبر تطبيق الخطط التشغيلية لموسم ما بعد الحج للقطاعات الحكومية كافة، وبالتنسيق مع الجهات الحكومية ذات العلاقة للعمل بين جميع القطاعات المعنية بالحج.
واستعداداً لاستقبال الحجاج، رفعت وكالة رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد النبوي جاهزية منظومتها الدينية لتفعيل الخطة التشغيلية الثالثة لمرحلة ما بعد أداء مناسك الحج، واستقبال طلائع ضيوف الرحمن المتعجلين في المسجد النبوي، وذلك لزيارة المسجد النبوي الشريف والصلاة فيه.
وأعدت وكالة المسجد النبوي حزمةً من الخِدمات التوجيهية والإرشادية والتوعية الميدانية والدروس العلمية والمبادرات والمناشط الدينية لإثراء تجربة ضيوف الرحمن خلال زيارتهم للمسجد النبوي.
 ودعا رئيس الشؤون الدينية للمسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس؛ منسوبي وكالة المسجد النبوي إلى مواصلة كافة الجهود الدينية وتكثيفها وتعزيزها بالتقانة والتطبيقات الذكية، والترجمة واللغات، وعوامل المعرفة الحديثة؛ لتسهيل تقديم الخدمات الدينية، وإثراء تجربة حجاج بيت الله الحرام في المسجد النبوي.
وأعلنت جمعية «ضيافة» المدينة المنورة لخدمة الحجاج والمعتمرين، تقديم أكثر من 1.7 مليون خدمة ميدانية للحجاج والزائرين في العديد من المواقع التي يرتادونها خلال موسم الحج هذا العام في المدينة.
من جانبها، بدأت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، توزيع زهاء 1.9 مليون نسخة من القرآن الكريم من إصدارات مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، بمختلف الأحجام وتراجم معاني كلمات القرآن الكريم بأكثر من 77 لغة عالمية، هدية من خادم الحرمين الشريفين للحجاج المغادرين إلى بلادهم عبر مطار الملك عبدالعزيز الدولي وميناء جدة الإسلامي، ومختلف المنافذ البرية والبحرية، وللعاملين في الحج من مختلف القطاعات الحكومية.
وتكفل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بالهدي على نفقته الخاصة لجميع الحجاج المستضافين ضمن برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة لهذا العام، والبالغ عددهم 3322 حاجاً وحاجة من 88 دولة من مختلف قارات العالم، مكرمة تؤكد اهتمامه وعنايته بإخوانه المسلمين وحرصه الدائم على تقديم كل ما يحتاجون إليه ويرغبون فيه.
وأعلنت رئاسة الشؤون الدينية للمسجد الحرام والمسجد النبوي، تقديم خدمة التطويف المركزي لما يزيد على مليون ونصف المليون مستفيد خلال موسم الحج، في رقم قياسي جديد لتعزيز عمل المطوفين؛ مع توافد الأعداد المليونية من ضيوف الرحمن، لأداء طواف الوداع مدعوم بالخدمات النوعية الميدانية لضيوف الرحمن.
وهيأت رئاسة الشؤون الدينية للمطوفين الأماكن الحيوية وتوزيعهم عليها؛ يستقبلون فيها الحجاج الراغبين في خدمة التطويف في طواف الوداع، ومرافقتهم لإرشادهم في أدائهم وفق المقتضى الشرعي.
ومن جهته، أعلن وزير الصحة فهد بن عبدالرحمن الجلاجل، نجاح الخطط الصحية لموسم حج هذا العام، وخلوه من أي أوبئة أو تفشّيات أو تهديدات على الصحة العامة، على الرغم من الأعداد الكبيرة للحجاج هذا العام، والتحديات المتعلقة بارتفاع درجات الحرارة.
وأشار وزير الصحة إلى أن المنظومة الصحية قامت بتجهيز 189 مستشفى ومركزاً صحياً وعيادة متنقلة، باستيعاب سريري يزيد على 6.500 سرير، وبكوادر طبية وفنية وإدارية ومتطوعين تتجاوز 40 ألفاً، وبسيارات إسعاف تزيد على 370 سيارة و7 طائرات إسعافية و12 مختبراً و60 شاحنة، لتوفير أكثر من 1860 بنداً طبياً، وفي خطوة نوعية 3 مستودعات طبية متنقلة موزعة في المشاعر المقدسة.
وأوضحت الصحة أن عدد الحجاج الذين تلقوا الخدمات الصحية بلغ أكثر من 390 ألف حاج، وتمّ إجراء أكثر من 28 عملية قلب مفتوح، وأكثر من 720 قسطرة قلبية، بالإضافة إلى أكثر من 1169 جلسة غسيل كلى، كما تم تقديم خدمات افتراضية عبر مستشفى صحة الافتراضي لأكثر من 5800 حاج، والتعامل المباشر مع حالات الإجهاد الحراري وتقديم الخدمات الطبية اللازمة لهم.
ومن جهتها، أعلنت وزارة النقل والخدمات اللوجستية، التأكد من الاستعدادات للمرحلة الثانية من مغادرة حجاج بيت الله الحرام، من مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، وتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن بعد إتمامهم لفريضة الحج، لتيسير وصولهم لبلدانهم بسلام واطمئنان.
وخصصت الوزارة 3.4 مليون مقعدٍ عبر رحلاتها الجوية لحجاج بيت الله الحرام، عبر ما يقارب 7 آلاف رحلة خلال مرحلتي الوصول والمغادرة في 6 مطارات رئيسية مهيئة لخدمة ضيوف الرحمن، وذلك في مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، ومطار الأمير محمد بن عبدالعزيز في المدينة المنورة، ومطار الطائف الدولي، ومطار خالد الدولي في الرياض، ومطار الأمير عبدالمحسن الدولي في ينبع ومطار الملك فهد الدولي بالدمام.
وأكدت المديرية العامة للجوازات جاهزيتها لإنهاء إجراءات مغادرة ضيوف الرحمن، في مختلف منافذ المملكة الدولية، الجوية والبرية والبحرية، وتسهيل سفرهم، بعد أن منّ الله عليهم بأداء مناسك الحج.
وفي غضون ذلك، أعلنت وزارة الحج والعمرة، حرصها على تنفيذ مبادرة وطنية شاملة هذا العام لتمكين الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن من أداء مناسك الحج، وفق أعلى معايير البنى التحتية والمهيئة بمفهوم الوصول الشامل، من وسائل نقل خاصة، وخطة سير ومسارات مخصصة لرمي الجمرات بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة لأداء النسك وتلبية احتياجاتهم بكل يسر وسهولة.
من جانبها، أبرزت هيئة رعاية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة الخدمات التي تُقدم لهم والمقعدين من كبار السن، حيث تعمل على حصولهم على جميع الخدمات لأداء حجهم بيسر، من خلال مراقبة وسائل النقل والمواصلات، لضمان وصولهم لجميع الأماكن المقدسة، واستكمال شعائرهم في المسجد الحرام، واستخدام العربات الكهربائية، والحصول على المصاحف المكتوبة بطريقة «برايل» وترجمة الدروس الدينية، والخدمات الصحية.
وأشادت قيادات دينية وإعلامية بالأزهر الشريف، في ختام موسم الحج، بنجاح التنظيم، بفضل جهود المملكة وتكاتف جميع الوزارات والهيئات والقطاعات للعمل على خدمة وراحة وسلامة ضيوف الرحمن، واستخدام أحدث التطبيقات والتقنيات التكنولوجية في وسائل النقل وجميع المرافق والخدمات المقدمة للحجاج.
وقال المتحدث الرسمي باسم جامعة الأزهر، الأستاذ الدكتور أحمد زارع: إن كل عام في موسم الحج تُبهرنا المملكة العربية السعودية بما تقدمه من خدمات جديدة في موسم الحج، وتسعى لتقديم كل ما يسهل على ضيوف الرحمن أداء مناسكهم بكل راحة واطمئنان وسلام، مؤكداً أنه في موسم العام الجاري شاهدنا نماذج رائعة من هذه الأمور التي تأتي حقاً لصالح الحجيج.
وأضاف الدكتور زارع لـ«الاتحاد»: «لقد سمعت ورأيت وتابعت ما قُدم للحجيج هذا العام، مع وجود عدد كبير وضخم جداً من رجال الأمن والمتطوعين والذي وصل عددهم إلى أكثر من 100 ألف كادر بشري، يعملون على تنظيم الحج».
وثمن زارع الخدمات الصحية والإسعافات الطبية التي قدمت لحجاج بيت الله الحرام، في ظل الارتفاع الشديد لحرارة الطقس هذا العام، وحرص وزارة الصحة وجميع القطاعات الصحية على سلامة الحجيج، وتقديم الرعاية الطبية لهم، واصفاً هذه الخدمات بأنها غير مسبوقة من قبل، خاصة بعد استحداث وسائل جديدة في المشاعر المقدسة، مؤكداً أنها خففت كثيراً على الناس وخاصة المرضى وكبار السن.
ولفت زارع إلى أن المملكة استخدمت هذا العام وسائل التقنيات الحديثة بصورة أكبر، خاصة في وسائل النقل في «قطار المشاعر» و«التاكسي الطائر»، ما يؤكد أن قادة المملكة وحكومة وشعب السعودية يستحقون أن يكونوا أهلاً لخدمة بيت الله وحرمه.
وقال المتحدث الرسمي: «إن وجود أعداد ضخمة وكبيرة جداً من الحجاج تزيد على 2 مليون حاج وحاجة، في مكان محدد، واستيعاب كل هذه الأعداد، وتنسيق دخولهم وخروجهم وصعودهم، وأداء المناسك بكل هذه الأريحية، والاهتمام بكل أمورهم من طعام وشراب ودواء ونقل؛ يؤكد مدى دقة التنظيم وهذا الجهد الجبار الذي قدم لهؤلاء الحجيج».

وحدة وتآلف
أعرب فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف عن تقديره لما تبذله المملكة العربية السعودية من جهود لخدمة ضيوف الرحمن والتيسير عليهم، وحرصها على توفير كل الإمكانات لأداء مناسك الحج في جوٍّ من الوحدة والتآلف والطمأنينة، داعياً المولى -عز وجل- أن يحفظ المملكة وسائر بلاد المسلمين، وأن يُديمَ علينا جميعاً نِعمَ الأمن والأمان والسلامة والرخاء والاستقرار.

جهود متواصلة
أشاد عميد كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر سابقاً، الدكتور جمال فاروق، بنجاح تنظيم المملكة لموسم الحج، مؤكداً أن موسم هذا العام شهد جهوداً متواصلة وسعياً مشكوراً وتطوراً في الخدمات، وأصبحت المشاعر المقدسة والحرمان الشريفان تدار بأداء متطور.
وأشاد الدكتور فاروق بالتوسعة والتطور الذي شهدته المشاعر المقدسة والحرمان الشريفان، قائلاً: «أتابع منذ فترة طويلة من الزمن ما تقوم به المملكة من توسعة للأماكن المقدسة، وآخرها التوسعة الجديدة للملك سلمان للحرمين ومناطق المشاعر»، لافتاً إلى أن السعودية أنفقت من أجل ذلك المليارات من الريالات، وأن المشاعر تم توسعتها وتطويرها بصورة كبيرة خاصة في ظل تزايد أعداد الحجاج كل عام، ما أدى إلى نجاح موسم الحج.