دينا محمود (لندن)
مع تواصل عمليات التصويت في انتخابات البرلمان الأوروبي التي دخلت يومها الرابع والأخير، رجحت أوساط تحليلية غربية، أن تسفر نتائج الاقتراع المنتظر إعلانها مساء اليوم، عن تكريس القوى اليمينية والتيارات الشعبوية، حضورها بشكل أكبر في المجلس المؤلف من 720 مقعداً، على حساب الأحزاب الأكثر ميلاً لتوجهات يمين الوسط ويساره.
وعزا المحللون هذه التوقعات، إلى شعور شرائح عديدة من الناخبين في الدول الـ 27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بأنهم بحاجة لحلول أكثر فاعلية، لتبديد ما وصف بـ«المخاوف الوجودية» التي تساورهم، إزاء ملفات من قبيل تأمين الحدود الخارجية للاتحاد، وكبح جماح التدفق المتزايد للمهاجرين على أراضيه، فضلاً عن سبل تدبير أي تكاليف إضافية، تترتب على تبني سياسات صديقة للبيئة، بهدف كبح جماح تبعات التغير المناخي.
وانعكست تلك المخاوف، على نتائج استطلاعات الرأي التي أُجريت في دول أوروبية محورية مثل فرنسا وألمانيا، وأشارت حتى الساعات الأخيرة قبل بدء التصويت، إلى تفوق الأحزاب اليمينية في تلك البُلدان، على القوى الحزبية التقليدية، التي طالما هيمنت من قبل على البرلمان الأوروبي.
وكشفت هذه الاستطلاعات، عن إمكانية أن تصبح لحزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني الغلبة في هذه المرة، على عدد من أحزاب الائتلاف الحاكم في برلين، وهو ما يكتسي بأهمية كبيرة، على ضوء أن ألمانيا هي الدولة، صاحبة الحصة الأكبر من الأعضاء في البرلمان الأوروبي، بـ 96 مقعداً.
أما فرنسا؛ الدولة الثانية من حيث عدد أعضاء البرلمان نفسه بـ 81 نائباً، فتعطي استطلاعات الرأي فيها، الأفضلية لحزب «الجبهة الوطنية» اليميني على منافسيه بفارق كبير، إلى حد أنه بات من المتوقع، أن تفوز القوى السياسية الفرنسية ذات التوجهات القومية، بضعف عدد المقاعد، التي يمكن أن يحظى بها ائتلاف يقوده الرئيس إيمانويل ماكرون.
الصورة ذاتها تتكرر في هولندا، التي أصبح فيها حزب «الحرية» اليميني المتشدد القوة السياسية الأكبر في البرلمان الهولندي، وهو ما يعزز فرصه في حصد مقاعد أكثر في المؤسسة التشريعية الأوروبية، مثله مثل حزب شعبوي يحمل الاسم نفسه في النمسا.
وفي تصريحات نشرتها صحيفة «تليجراف» البريطانية على موقعها الإلكتروني، شدد المحللون، على أنه سيكون للمد اليميني المنتظر في انتخابات البرلمان الأوروبي، وهي العاشرة من نوعها والأولى منذ خروج بريطانيا من «الاتحاد» الأوروبي، تبعات بعيدة المدى على المشهد في القارة العجوز، على رأسها إعادة رسم الخريطة السياسية هناك، وإضفاء طابع أكثر مُحافظة عليها.
فمن شأن نتائج مثل هذه، دفع الاتحاد الأوروبي، لفرض ضوابط أكثر صرامة على الحدود، ووضع خطط تفضي لإعادة أعداد أكبر من المهاجرين غير القانونيين إلى أوطانهم الأصلية، فضلاً عن إمكانية عدول ذلك التكتل القاريّ، عن سياسات تم إقرارها من قبل، لمواجهة الأزمات المناخية.