أحمد شعبان (القاهرة، عدن)
طالبت الأمم المتحدة بالإفراج عن 11 من موظفيها الإغاثيين اختطفهم الحوثيون أول أمس في اليمن، وأكدت المنظمة أنها تسعى للإفراج عنهم «من دون شروط». واختطفت جماعة الحوثي عاملين في المجال الإغاثي، بينهم موظفون في هيئات أممية، في ما بدا حملةَ توقيف واسعة ضد منظمات الإغاثة العالمية.
واعتبر محللون سياسيون يمنيون أن انتهاكات جماعة الحوثي ضد الشعب اليمني، وتهديدها لدول الجوار والملاحة البحرية والتجارة الدولية في البحر الأحمر وخليج باب المندب، تعطل خطة السلام الأممية، وتُفشل أي جهود دولية لعودة الأمن والاستقرار والسلام في اليمن والمنطقة.
وأرجعت الحكومة اليمنية أسباب الإخفاق في حل الأزمة اليمنية إلى أسلوب تعامل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي مع سلوك الحوثيين، وعدم التنفيذ الفعّال لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والاتفاقات والالتزامات والتفاهمات في إطار عملية السلام، وآخرها اتفاقَا الهدنة الإنسانية واستوكهولم.
ويرى المحلل السياسي اليمني الدكتور عبدالملك اليوسفي مطالبةَ الحكومة اليمنية بإعادة النظر في طريقة التعاطي مع الحوثي بخصوص مسار السلام، منطقيةً وموضوعية، وذلك نتيجةً للسلوك الحوثي تجاه عملية السلام، بالإضافة إلى خلط الأوراق الذي تقوم به الجماعة في مختلف الأزمات، ومن أهمها ما حصل في البحر الأحمر وخليج عدن من تصعيد يهدد التجارةَ الدولية، وقد أدى عملياً إلى تعطيل مسار التسوية السياسية.
وذكر اليوسفي لـ «الاتحاد» أن الحوثي لا يهدد اليمن والمنطقة فقط، بل يهدد الأمن والسلم العالميين، مع تصاعد وتيرة التهديدات وارتباطها بمشروع أكبر قائم على استراتيجية تصعيد التوتر في المنطقة، وكل ذلك يُلقي بالمسؤولية على عاتق المجتمع الدولي لمواجهة هذا التهديد وإعادة النظر في طريقة التعاطي معه.
وشدد المحلل السياسي اليمني على أنه لا بد من الضغط على الحوثي، والتفكير مجدداً في صياغة تحالف دولي لمواجهته، وإعادة الدولة اليمنية كضامن لأمن منطقة تعد ذات أهمية استراتيجية كبرى للعالم، واستخدام الضغط العسكري كأداة قادرة على جذب جماعة الحوثي إلى طاولة المفاوضات، بالشروط التي تفضي إلى سلام شامل وعادل ومستقر.
وألقى الكاتب والباحث السياسي اليمني محمود الطاهر باللَّوم على المجتمع الدولي في الإخفاق في حل الأزمة اليمنية، لا سيما وأن مجلس الأمن وضع قرارات محددة وواضحة، وأن الأمم المتحدة شددت مراراً على ضرورة وقف إطلاق النار.. لكن الحوثيين استعادوا أنفاسهم واستعدوا للحرب، وأصبح لديهم ترسانة من الأسلحة والصواريخ الباليستية والمسيَّرات، بسبب وقف إطلاق النار وتخفيف الرقابة على سواحل الحديدة.
وذكر الطاهر لـ «الاتحاد» أن الأمم المتحدة تتعامل مع الحوثي كطرف سياسي في الأزمة اليمنية، على أمل أن يذهب إلى طاولة الحوار، لكن ليس في أجندته شيء حول السلام، لأن هذه الجماعة تأسست على العنف والسعي لهدم اليمن، وقد صعّدت من عملياتها العسكرية في المنطقة في وقت يحتاج فيه اليمن إلى السلام والمصالحة واستعادة الدولة.
وطالب الطاهر مجلس الأمن الدولي والحكومة اليمنية بالسعي لإجبار الحوثي على التوقف عن تهديد الملاحة البحرية الدولية، وعن الاستمرار في استهداف أحلام اليمنيين وطموحاتهم إلى الاستقرار والسلام.
إلى ذلك، فقد طالبت الأمم المتحدة بالإفراج عن 11 من موظفيها مختطفين في اليمن، وأكدت أمس أن 11 من موظفيها «احتجزهم» الحوثيون، موضحةً أنها تبذل ما في وسعها للإفراج عنهم «من دون شروط»، بحسب قول المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الدولية. وصرح ستيفان دوجاريك للصحافيين: «يمكنني أن أؤكد لكم أن الحوثيين أوقفوا 11 موظفاً محلياً يعملون في اليمن»، لافتاً إلى أن المنظمة طالبت الحوثيين بـ «توضيحات».
وكانت جماعة «الحوثي» قد احتجزت 18 عاملاً في المجال الإغاثي في اليمن، بينهم موظفون في هيئات تابعة للأمم المتحدة، في ما بدا حملةَ توقيف واسعة ومنسقة، وفق ما أفادت منظمة غير حكومية أمس. وحسب المصادر، فإن الحوثيين قاموا بـ «مداهمة منازل واختطاف موظفين في الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى عاملة» في أربع مناطق خاضعة لسيطرتهم. وأشارت المصادر إلى أن التوقيفات التي جرت في محافظات صنعاء والحديدة وصعدة وعمران، وطالت موظفين لدى هيئات تابعة للأمم المتحدة وعاملين مع منظمات غير حكومية محلية ودولية.