دينا محمود (لندن)

على بعد شهر واحد تقريباً من الانتخابات التشريعية المزمعة في الرابع من يوليو المقبل، تبدو الساحة السياسية في بريطانيا حافلة بالتقلبات السياسية، التي تشمل كلا الحزبيْن الرئيسييْن؛ «المحافظين» الحاكم و«العمال» المعارض، وذلك وسط استطلاعات للرأي، لا تزال ترجح تحقيق المعارضة «العمالية»، فوزاً كبيرا في الاقتراع.
ففي حين تتواصل الأزمات الداخلية في صفوف «المحافظين»، من جانب تيارات متمردة على قيادة رئيس الوزراء ريشي سوناك للحزب؛ يسعى بعضها لإبعاد سوناك عن موقعه القيادي رغم ضيق الوقت المتبقي على إجراء التصويت، بدأت رياح الخلافات تعصف بالأوساط «العمالية» بدورها، مع توجيه اتهامات لزعيم الحزب المعارض «كير ستارمر»، بشن ما وُصِفَ بـ «حملة تطهير»، ضد التيارات التي تتبنى توجهات أميل إلى اليسار.
وفي تصريحات نشرتها مجلة «ذا ويك» البريطانية على موقعها الإلكتروني، شددت مصادر سياسية مطلعة في لندن، على أن فريق العمل التابع لزعيم حزب «العمال»، عكف طيلة العام الماضي، على اختيار قائمة من المرشحين، الذين يُرى أن فرص تمردهم على قيادة الحزب أو تعرضهم لمشكلات حال خوضهم للعملية الانتخابية، منخفضة.
ويقول منتقدو «ستارمر»، إنه يسعى لاختيار المقربين منه للتنافس على المقاعد المضمون الفوز بها بالنسبة لـ «العمال» في الانتخابات المقبلة، ومنع الشخصيات ذات الصبغة اليسارية بشكل أكبر، من الترشح على مقاعد شغلوها في السابق، أو تنافسوا عليها على الأقل.
ومن بين الشخصيات التي تم تداول اسمها على هذا الصعيد، القيادية المخضرمة ديان أبوت، ذات العلاقة الوثيقة بالزعيم السابق للحزب جيريمي كوربين، الذي عُلِقَّت عضويته الحزبية عام 2020، وأعلن أواخر الشهر الماضي، أنه سيخوض المنافسة الانتخابية، كمرشح مستقل.
وسبق أن شغلت أبوت، وهي أول امرأة سوداء البشرة تُنتخب لعضوية البرلمان في بريطانيا، مناصب عدة في حكومة الظل «العُمالية»، من بينها وزير الداخلية في حكومة ظل قادها كوربين، وذلك بين عاميْ 2016 و2020. كما سعت القيادية العُمالية البارزة، إلى أن تترشح عن حزب العمال، لانتخابات بلدية لندن منتصف العقد الماضي، ولكن مسعاها في هذا الشأن لم يُكلل بالنجاح.
ستارمر نفى أن يكون قد منع آبوت، التي تشغل مقعدها النيابي منذ عام 1987 ما يجعلها أقدم نائب من أصحاب البشرة السمراء تحت قبة مجلس العموم البريطاني، من خوض الانتخابات الوشيكة.
لكن التقارير لا تزال متواصلة بشأن اعتزام «ستارمر»، الذي يسعى لإعادة حزبه إلى السلطة بعد 14 عاماً من الجلوس في صفوف المعارضة، منع ساسة «عماليين» آخرين من الترشح، ومن بينهم فايزة شاهين، التي كان من المقرر ترشيحها في الاقتراع المقبل قبل أن تعلن تلقيها إخطاراً بإلغاء هذا الاختيار، وكذلك النائب الحالي لويد راسل مويل. ولكن محللين سياسيين بريطانيين، قالوا إن هذه الخطوات، تهدد بإثارة غضب القاعدة التقليدية المؤيدة لـ «العمال»، والمتعاطفة بشكل أكبر مع القيادات اليسارية السابقة للحزب وحلفائها، مشددين على أن ستارمر لم يكن يتوقع الضجة التي نجمت عن تحركاته الأخيرة، وانعكاسات ذلك على شعبية الحزب قبل أسابيع معدودة من الانتخابات.
واعتبر المحللون أن «ستارمر» ربما أوجد لنفسه «أعداءً من دون مبرر»، حتى من بين أنصاره أنفسهم، إذا ما ظهر وكأنه يشن حرباً شعواء على تيار «يساري»، سبق أن وجد له مكانا داخل حزب «العمال» في ظل زعمائه السابقين، ومن بينهم توني بلير وجوردون براون. وربما تفضي تبعات ذلك، إلى إضعاف ستارمر ومؤيديه، بل وقد تقلص هامش الفوز الانتخابي المحتمل للحزب.