دينا محمود (غزة، لندن)

أجمع خبراء دوليون متخصصون في ملف التعافي من الكوارث، على أن عمليات إعادة إعمار قطاع غزة، جراء الدمار الهائل الذي يعم أنحاءه حالياً بفعل الحرب الدائرة هناك، تزداد تعقيداً وتكلفة يوماً بعد يوم، مع اقتراب القتال من دخول شهره الثامن، دون أن تلوح أي بارقة أمل، في إمكانية وضع حد له في المستقبل القريب.
فالمعارك البرية وعمليات القصف الجوي والمدفعي المستمرة في القطاع، ألحقت، بحسب الخبراء، خسائر فادحة بالمنازل والمباني التي كانت قائمة قبل اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر من العام الماضي، ما أدى إلى أن يفقد 1.2 مليون غزيَّ منازلهم بشكل دائم.
ووسط بيانات أممية حديثة، تؤكد أن القتال أفضى لتضرر ما يقرب من 370 ألف وحدة سكنية في قطاع غزة، بينها نحو 79 ألفاً دُمِرَت بالكامل، أشار الخبراء إلى أن تكاليف إعادة بناء هذه الوحدات، قد تصل إلى قرابة 40 مليار دولار أميركي.
وبحسب أكثر التقديرات تفاؤلاً، من المتوقع أن تستغرق هذه العملية التي لا تتضمن ترميم المباني المتضررة جزئياً من الحرب في غزة، 16 عاماً، وذلك إذا سمحت إسرائيل بدخول مواد البناء إلى القطاع، بكميات تفوق تلك التي تسمح بوصولها حالياً، بواقع 5 أضعاف.
وبجانب الدمار الذي عصف بالوحدات السكنية، تكشف بيانات الأمم المتحدة، عن أن أكثر من 60% من إجمالي الأبنية في غزة، قد تضرر أو دُمِرَ على مدار الشهور السبعة الماضية، بما يشمل غالبية المدارس والمستشفيات والمرافق التجارية، فضلاً عما يزيد على مئة موقع للتراث الثقافي.
ودفع هذا المشهد الكارثي مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتاينر، لتأكيد أن مثل هذا الحجم من الدمار لم يُرصد في العالم بأسره منذ الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945)، وذلك على ضوء اتساع نطاقه، وشدته في الوقت ذاته.
ووفقاً لتقرير نشرته دورية «أركيتكتشورال ريكورد» الأميركية المتخصصة في شؤون الهندسة المعمارية، أُسقِطَ على القطاع الذي يبلغ طوله 25 ميلاً تقريباً (40.2 كيلومتر) وعرضه نحو سبعة أميال ( 11.26 كيلومتر)، خلال الشهور الثلاثة الأولى من الحرب، ما يُقدر بـ 45 ألف قنبلة.
ومن جهته، أكد الدكتور كيت مياموتو، مؤسس ورئيس شركة «مياموتو إنترناشيونال» الهندسية العالمية المتخصصة في عمليات التعافي من الكوارث سواء الطبيعية أو تلك الناجمة عن الأنشطة البشرية، أن إجراء أعمال ترميم سريعة للمباني والمنازل المتضررة بشكل متوسط في غزة، والتي تُقدر بـ 50% من الأبنية المدمرة، قد يوفر احتياجات الإيواء بشكل فوري، لعدد لا يستهان به من السكان في غضون ستة أشهر.
واستندت هذه التقديرات، وفقاً للدورية الأميركية الشهرية، إلى أعمال ترميم وإعادة تأهيل تنخرط فيها الشركة في الوقت الحاضر في أوكرانيا.
وفي أواخر إبريل الماضي، أصدرت الشركة نفسها، تقريراً تُقيّم فيه الأضرار التي لحقت بالمباني في غزة، وتحدد من خلاله كذلك، الخطوط العريضة لأي خطة أوليّة لإعادة الإعمار.
وأشار الخبراء إلى أن هناك كثيراً من الصعوبات، التي تكتنف عمليات إعادة إعمار غزة، إذا ما سمحت الظروف ببدئها، حال التوصل إلى هدنة مستدامة أو وقف لإطلاق النار.
وعلى رأس هذه العراقيل، منع بعض المواد والمعدات المستخدمة في البناء من دخول القطاع، ومن بينها الخرسانة والحديد، وذلك بدعوى إمكانية استخدام تلك العناصر وغيرها، لأغراض عسكرية.