أحمد مراد (القاهرة)

أصبحت التغيرات المناخية التي تضرب أفريقيا سبباً في تفاقم الأزمات الإنسانية في العديد من دول القارة، ومعاناة ملايين الأشخاص من تدهور أنظمة المياه والغذاء والزراعة، وحذّر تقرير أممي صادر في الآونة الأخيرة من تفاقم أزمة انعدام الأمن المائي بمنطقتي الساحل والقرن الأفريقيين، ومن أن نحو 13 دولة في شرق القارة وغربها تُعاني بشكل خطير.
وأوضحت المساعد الأسبق لوزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية وعضو لجنة الحكماء في «الكوميسا»، السفيرة سعاد شلبي، أن القارة تتعرض منذ سنوات لتقلبات مناخية حادة ترتبت عليها كوارث طبيعية خطيرة، مما أدى إلى تفاقم الأزمات الإنسانية في العديد من الدول، وتعرض ملايين الأشخاص لمخاطر التشرد والنزوح وسوء التغذية. 
وتشير التقديرات الأممية إلى أن أفريقيا تضم 17 من أصل 20 بلداً تعد الأكثر عرضةً للتهديدات المناخية في العالم، ما يهدد بارتفاع مستويات الفقر، ويدفع للنزوح والهجرة الداخلية والخارجية، ويزيد من خطر الصراع على الموارد. 
وشددت شلبي، في تصريح لـ«الاتحاد»، على أهمية تضافر جهود المنظمات الإقليمية والدولية لتنفيذ توصيات ومخرجات مؤتمرات المناخ، وآخرها مؤتمر «كوب 28» في الإمارات، من أجل الحد من تأثيرات التغيرات المناخية على القارة الأفريقية، ومساعدة المجتمعات على التكيف مع التغير المناخي. وقالت عضو لجنة الحكماء في «الكوميسا»، إن أفريقيا بحاجة ملحة إلى برامج علمية متطورة تمكنها من التعامل مع التغيرات المناخية بطريقة صحيحة، وتوجيه جزء من المساعدات للارتقاء بشبكات البنية التحتية، وتقوية منظومتي الأمن المائي والغذائي، بالتزامن مع مضاعفة حجم المساعدات الإنسانية لملايين المتضررين من تداعيات التغير المناخي.
وأوضحت تقارير أممية أنه في عام 2022 تأثر أكثر من 110 ملايين أفريقي بشكل مباشر بالمخاطر المرتبطة بالطقس والمناخ والمياه، مما أدى إلى وفاة أكثر من 5 آلاف شخص.
ومن جانبه، أوضح مدير مشروع التغيرات المناخية بالأمم المتحدة، الدكتور سمير طنطاوي، أن الجفاف والفيضانات التي ضربت العديد من الدول الأفريقية خلال السنوات الأخيرة تمثل إحدى أخطر تداعيات التغير المناخي التي تُعاني منها القارة السمراء بشكل متزايد. وذكر الخبير الأممي لـ«الاتحاد» أن تداعيات التغير المناخي تتسبب في أزمات إنسانية حادة، إذ تلحق أضراراً بالغة بملايين السكان، إضافة إلى تدمير المحاصيل الزراعية، وهو ما شهدته القارة الأفريقية بصورة واضحة خلال الفترة الأخيرة.
وقال طنطاوي، إن تداعيات التغير المناخي تجعل المناطق الفقيرة والهشة في أفريقيا غير صالحة للسكن والإقامة، إذ تشهد انعداما خطيراً للأمن المائي والغذائي، وبالتالي فالأمر يتطلب تحركات إقليمية ودولية مكثفة للتعامل مع هذه التداعيات، وعلى النحو الذي خرجت به قرارات قمة الأمم المتحدة للمناخ «كوب 28» التي عُقدت في الإمارات أواخر العام الماضي.
 وإلى ذلك أكدت دراسة أجرتها شبكة «وورلد ويذر أتريبيوشن» التي تضم علماء، وقد نُشرت أمس، أن ظاهرة النينيو غير مسؤولة عن الأمطار الغزيرة التي شهدتها منطقة شرق أفريقيا خلال الأشهر الأخيرة. إلا أنّ العلماء خلصوا في المقابل إلى أنّ الاحترار المناخي شكّل «أحد العوامل» الكامنة وراء تسجيل هذه الأمطار الغزيرة، لكن من دون أن يكون عاملاً حاسماً بالضرورة.
وكان موسم الأمطار الممتد بين شهري مارس ومايو، حاداً أكثر من المعتاد في شرق أفريقيا، وقد تسبب بمقتل أكثر من 500 شخص في كينيا وتنزانيا.
وقد سبق للباحثين أن أشاروا إلى أنّ موجة جديدة من ظاهرة النينيو بدأت في منتصف عام 2023، أدت إلى هطول كميات كبيرة من الأمطار. وكما تتسبب ظاهرة النينيو في تسجيل أمطار غزيرة في بعض مناطق العالم، فإنها تتسبب في حدوث موجات جفاف في مناطق أخرى.
وفي نهاية عام 2023، أرجع باحثون فيضانات أخرى طالت شرق أفريقيا حينئذ إلى ثنائية قطب المحيط الهندي، وهي ظاهرة مناخية أخرى تنشأ من اختلاف درجات حرارة سطح البحار بين المناطق الغربية والشرقية للمحيط الهندي.
لكنّ «الباحثين لم يجدوا دليلاً على وجود علاقة لظاهرتي النينيو وثنائية قطب المحيط الهندي» بالأمطار الغزيرة هذا العام، بحسب الدراسة التي تهدف إلى التعرف على الدور المحتمل للاحترار المناخي في الظواهر المناخية المتطرفة. وقالوا إنّ «الاحتمال الأكثر ترجيحاً هو أن الاحترار المناخي رفع من احتمال هطول الأمطار الغزيرة مرتين وتسبب بجعلها حادة أكثر بنسبة 5%»، مشيرين في الوقت نفسه إلى أنّ هذه النتائج «غير مؤكدة من الناحية الحسابية».
ودعا العلماء بلدان المنطقة إلى تحسين بنيتها التحتية وحماية أنظمتها البيئية، وخصوصاً في المناطق المكتظة بالسكان.