أحمد مراد (بيروت، القاهرة)
يشهد سوق الدواء في لبنان حالة من الاضطراب، وسط تفاقم أزمة اختفاء العديد من أصناف الأدوية، لا سيما أدوية علاج الأمراض المزمنة والمستعصية، وهو ما أدى إلى ظهور سوق سوداء لبيع الأدوية بأسعار مرتفعة للغاية، إضافة إلى ظهور أدوية بديلة أقل جودة وسعراً.
وبحسب البيانات الصادرة عن نقابة الصيادلة اللبنانيين، فإن نسبة الأدوية المهربة التي تغزو الأسواق بلغت نحو 50% من إجمالي الاستهلاك المحلي للدواء.
وأوضح الخبير الاقتصادي اللبناني، خالد أبوشقرا، أن لبنان يُعاني ظهور أسواق سوداء للأدوية، خاصة التي تُستخدم في علاج الأمراض المزمنة والمستعصية، مثل أدوية السرطان والقلب والأعصاب والكلى، وغيرها، علماً بأن بعض هذه الأدوية المهمة مدعومة من قبل وزارة الصحة اللبنانية.
وقال أبوشقرا، في تصريح لـ«الاتحاد»: إن الحكومة اللبنانية تدعم أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية بسبب تكلفتها المرتفعة، وعلى سبيل المثال قد يصل سعر أدوية السرطان إلى أكثر من 3 آلاف دولار شهرياً، وهو ما يفوق القدرة الشرائية لغالبية أفراد الشعب، ولكن في الوقت نفسه يُعاني المرضى عدم توافرها في السوق الرسمي، ما يدفع الكثيرين منهم، لا سيما من المقتدرين، إلى شراء الأدوية من السوق السوداء بأسعار مرتفعة ومبالغ فيها، ويتوقف الأمر على مدى نقص الدواء في السوق الرسمي، والوضع المادي للمريض.
ويدفع الارتفاع الجنوني في أسعار الأدوية الكثير من المرضى إلى استخدام أدوية بديلة أقل سعراً وجودة، حيث لا تتوافر فيها معايير السلامة العالمية، ما يتسبب في تدهور الحالة الصحية لآلاف المرضى.
وبدوره، أوضح المحلل والكاتب اللبناني، باسل الخطيب، أن الأزمات المتشابكة التي يُعانيها لبنان، سياسياً واقتصادياً، أفرزت العديد من التداعيات الخطيرة في مختلف القطاعات، ومن بينها قطاع الدواء الذي يواجه الكثير من التحديات المعقدة، منها إخفاء بعض أصناف الأدوية بغرض احتكارها وبيعها في السوق السوداء بأسعار مرتفعة، وظهور بدائل رخيصة أقل جودة، يلجأ إليها المريض بسبب الأزمة المالية التي يُعانيها غالبية اللبنانيين.
وقال الخطيب، في تصريح لـ«الاتحاد»، إنه مع تفجر الأزمة المالية في لبنان عام 2019 وتفاقم تداعياتها في الأعوام اللاحقة، ظهرت علامات تجارية وسلع غير معروفة في السوق، كبديل رخيص لمنتجات لم يعد اللبنانيون قادرين على تحمل تكاليفها بسبب تراجع القدرة الشرائية، وتدني الرواتب، في القطاعين العام والخاص، والأمر نفسه ينطبق على سوق الدواء.
واستنكر الخطيب ما يحدث في قطاع الأدوية اللبناني، وقال إنه لا يمكن القبول بهذا الأمر فيما يتعلق بالأدوية وصحة المرضى، وبالتالي يجب على مؤسسات الدولة تكثيف جهودها من أجل مراقبة سوق الأدوية والقضاء على السوق السوداء، لا سيما أن الأمر يتعلق بصحة وحياة ملايين اللبنانيين.