أحمد مراد (الكويت، القاهرة)
النهضة الكويتية لم تكن يوماً خططاً لتحقيق التقدم والنمو والسعي إلى التطوير والبناء فحسب، وإنما كانت دوماً انطلاقة في سباق مع الزمن واستشرافاً للمستقبل، لتحقيق تطلعات الشعب الكويتي، وتعزيز مكتسباته الوطنية باعتبارها إرثاً حضارياً وتاريخياً خالداً للأجيال الحالية والمستقبلية.
ومنجزات الدولة الكويتية شواهد حية ومعالم تاريخية وحضارية في ذاكرة الشعب الكويتي، فهي توثق مسيرة البناء والتطوير والتنمية، التي أرست دعائمها القيادة الكويتية الرشيدة، على مدار العقود الماضية.
انطلاق المسيرة
بدأت مسيرة الكويت الحضارية الحديثة في أعقاب حصولها على الاستقلال في 1961، وخلال هذه الفترة صدرت مجموعة من القوانين والتشريعات في سبيل بناء دولة كويتية حديثة بمظلة قانونية، وبعدها خرج إلى النور أول مجلس تأسيسي لإعداد دستور للبلاد يراعي مساعي الدولة الكويتية للانفتاح على الحياة الديمقراطية.
وأدى استقرار الأوضاع الداخلية بالتزامن مع إقرار الدستور الجديد إلى انطلاق مسيرة نهضة شاملة، سواء على المستوى القانوني والتشريعي أو المستوى السياسي والاقتصادي، وخلال هذه الفترة صدر مرسوم أميري بتنظيم الحياة القضائية، وأصبح القضاء الكويتي شاملاً لجميع الاختصاصات القضائية في النزاعات التي تقع داخل البلاد.
دولة حديثة 
على مدار العقود الماضية، استمرت جهود الكويت لبناء دولة حديثة ومتطورة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، وحققت طفرات غير مسبوقة في مختلف المجالات، حتى أصبحت واحدة من أهم دول منطقة الشرق الأوسط.
وفي الأعوام القليلة الأخيرة، جنت الكويت ثمار جهود التنمية، حيث وصل حجم الناتج القومي الإجمالي لاقتصاد الكويت في عام 2018 إلى 141 مليار دولار، وبلغ معدل النمو في عام 2019 نحو 2 في المئة.
استراتيجية طموحة
عملت الكويت خلال العقدين الماضيين على تنفيذ عدة مشروعات عملاقة في إطار استراتيجية وطنية طموحة، مثل مشروع مدينة «صباح الأحمد البحرية»، وهي عبارة عن عدة قطاعات تتخللها ممرات مائية صناعية، ومشروع ميناء مبارك الكبير، وهو ميناء بحري بسعة 24 مرسى، ويشكل نقلة نوعية في تجارة الترانزيت، ويمثل خطوة مهمة في مشروع إحياء «طريق الحرير» من خلال بوابة الكويت.
ويضاف إلى ذلك مشروع «جسر جابر»، وهو عبارة عن جسر بحري بطول 37 كيلومتراً، ويربط مدينة الكويت بمدينة «الصبية الجديدة»، وأيضاً مشروع مدينة «جنوب المطلاع» الذي يُعتبر أكبر مشروع إسكاني في تاريخ البلاد، حيث تستوعب نحو 400 ألف نسمة.

سياسة نشطة
تُعرف دولة الكويت بحياة سياسية نشطة من خلال وجود مجلس تشريعي يتمثل في «مجلس الأمة» الذي يؤدي دوراً رقابياً وتشريعياً، وفي الوقت نفسه يشهد المجتمع الكويتي تنامياً ملحوظاً في نسب المشاركة من جميع فئات المجتمع، خصوصاً المرأة التي تحظى برعاية ودعم من القيادة الكويتية. 
وشاركت المرأة الكويتية في صنع القرار، وشغلت مناصب قيادية عليا.
طفرات 
شهد النظام الصحي في الكويت، خلال العقدين الماضيين، العديد من التطورات الإيجابية عبر إنجاز كثير من المشروعات الصحية، مثل مستشفى الشيخ جابر الأحمد، الذي يعتبر أكبر مستشفى في الشرق الأوسط، وسادس أكبر مستشفى في العالم بطاقة استيعابية للمبنى الرئيس تقدر بنحو 1200 سرير، ويقدم المستشفى خدماته الطبية لأكثر من 600 ألف شخص، ويضاف إلى ذلك مركز صباح الأحمد للكلى والمسالك الذي افتتح في فبراير 2013 بمنطقة الصباح الصحية، ويعتبر أحد أبرز المراكز الصحية المتخصصة في المنطقة العربية.
أما قطاع التعليم، فشهد هو الآخر العديد من التطورات الإيجابية والعديد من الإنجازات، أبرزها إنشاء مدينة صباح السالم الجامعية، وهي عبارة عن مدينة جامعية متكاملة المرافق، تضم بين جنباتها جميع كليات الجامعة، وتقام على مساحة 6 ملايين متر مربع لتستوعب ما يقارب 40 ألف طالب وطالبة.
وفي القطاع الثقافي، حققت الكويت طفرة ثقافية غير مسبوقة من خلال تأسيس العديد من المجالس والمراكز الثقافية التي تدعم الإبداع الفكري والثقافي والأدبي والفني، مثل المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ومركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي الذي افتتح عام 2016، ومركز الشيخ عبدالله السالم الثقافي الذي افتتح عام 2018، ويشمل بعض المتاحف والمنشآت الثقافية.
مكانة مرموقة
حصلت الكويت على عضوية هيئة الأمم المتحدة عام 1963، ومنذ ذلك الحين، أصبحت عضواً فاعلاً في قضايا المجتمع الدولي، وظهر ثقلها الدولي جلياً في فوزها خلال يناير 2018 بمقعد غير دائم في مجلس الأمن لمدة سنتين، وحصلت على 188 صوتاً من أصل 192 صوتاً في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وعلى المستوى الخليجي والعربي، لعبت الكويت دوراً بارزاً في تأسيس مجلس التعاون الخليجي، وتشارك بإيجابية كبيرة في فعاليات العمل الخليجي المشترك. 
سياسة متزنة
تتبنى دولة الكويت سياسة خارجية متزنة ومتوازنة عبر آليات دبلوماسية نشطة وفاعلة، ما جعلها شريكا استراتيجياً مهماً للعديد من القوى الإقليمية والعالمية، وتقيم معها علاقات شاملة على أساس التفاهمات والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل، إضافة إلى بعثاتها الدبلوماسية المنتشرة حول العالم، واستضافتها لسفارات وقنصليات غالبية دول العالم.