أحمد مراد (بيروت، القاهرة)
يشهد لبنان أزمة إنسانية حادة، تزامناً مع تدهور اقتصادي وعدم استقرار سياسي، في ظل شغور الموقع الرئاسي، ووجود حكومة تصريف أعمال غير مكتملة الصلاحيات، ما دفع العديد من الدول والجهات والمنظمات المانحة إلى تقديم مساعدات لمؤسسات الدولة اللبنانية.
وتعمل الدول والجهات المانحة على مساعدة لبنان في تلبية احتياجات قطاعات الخدمات الأساسية، من بينها النظام الصحي، والرعاية الاجتماعية، والتعليم، والأمن، غير أن هذه المساعدات تواجه العديد من التحديات التي تهدد استمرارها.
وأوضحت المحللة والأستاذ في الجامعة اللبنانية، سلمى الحاج، أن لبنان يواجه واحدة من أسوأ وأعنف الأزمات الإنسانية في العالم، إذ تشير التقديرات الأممية إلى أن نحو 4 ملايين نسمة يحتاجون إلى الغذاء ومساعدات أخرى.
وذكرت المحللة اللبنانية، في تصريح لـ «الاتحاد»، أن حجم المساعدات التي تقدمها المنظمات العالمية للبنان أقل بكثير من الحد الأدنى لمستوى البقاء، لا سيما أن حوالي 3.9 مليون شخص في حاجة إلى مساعدات إنسانية، بمن فيهم 2.1 مليون لبناني، و1.5 مليون سوري، و180 ألف لاجئ فلسطيني، وأكثر من 31 ألف فلسطيني من سوريا، و81500 مهاجر، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة. وبحسب تقرير صادر عن مرصد الأزمة التابع للجامعة الأميركية في بيروت، فإن لبنان يحتل المرتبة الثالثة عالمياً من ناحية تلقي التمويل والمساعدات الإنسانية الدولية، بعد سوريا واليمن، وهناك توجه دولي لتصويب معظم المساعدات في اتجاه البرامج الإنسانية.
وقالت الحاج إن لبنان على مدى السنوات الأربع الماضية واجه مجموعة من الأزمات المعقدة يصنفها البنك الدولي بأنها واحدة من أسوأ عشر أزمات مالية واقتصادية شهدها العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر، يضاف إليها أزمة جائحة «كورونا» وتداعياتها، وانفجار مرفأ بيروت.
وأشارت الأستاذ في الجامعة اللبنانية إلى أن الطبقة السياسية في لبنان تتحمل كامل المسؤولية منذ بدء الانهيار المالي في أكتوبر 2019 وحتى هذه اللحظة بسبب الفساد وسوء الإدارة، لافتة إلى أنه من المؤسف أن هذه الطبقة لا تزال تقاوم الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي طالب بها المجتمع الدولي، ووضعها شرطاً لتقديم المساعدات.
وكان لبنان في عام 2020 قد بدأ محادثات مع صندوق النقد الدولي في مسعى لتأمين خطة الإنقاذ، وتم التوصل إلى اتفاق أولي في 2023، ولكن يبدي قادة البلاد تردداً في تنفيذ التغييرات والإصلاحات المطلوبة.
وشكل الفراغ الرئاسي الذي يعيشه لبنان منذ مطلع نوفمبر 2022 عائقاً أمام محاولات الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار، وهو مرهون بتنفيذ جملة من الإصلاحات السياسية والاقتصادية والنقدية، أهمها انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات.
من جانبها، أوضحت المحللة السياسية اللبنانية، ميساء عبدالخالق، أن المساعدات الدولية تحظى بأهمية كبيرة بالنسبة لملايين اللبنانيين، بعدما تجاوزت نسبة الفقر حاجز الـ80%، ولكن المساعدات غير كافية لتأمين كل الاحتياجات الأساسية، إضافة إلى أنها شهدت تراجعاً في الفترة الأخيرة مع انشغال دول العالم بالحرب في غزة التي أصبحت أولوية إقليمية وعالمية.
وشددت عبد الخالق، في تصريح لـ «الاتحاد»، على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتشكيل حكومة إنقاذ كاملة الصلاحيات حتى تكون لديها القدرة على التفاوض مع المؤسسات الدولية المانحة التي تشترط تنفيذ العديد من الإصلاحات من أجل تقديم مساعدات وقروض للبنان.