دينا محمود (غزة، لندن)
«بحر من الخيام».. هكذا تصف فرق الإغاثة الإنسانية الكثير من أحياء مدينة رفح بأقصى جنوب قطاع غزة، بعدما أصبحت المدينة ملاذاً لمئات الآلاف من الفلسطينيين الفارين من القصف والعمليات البرية الدائرة في مناطق مختلفة من القطاع.
فأحدث التقديرات تفيد بأن رفح باتت تضم الآن أكثر من مليون نازح يحتمون بها، بالإضافة إلى عدد سكانها الذين كان يُقدر عددهم قبل نشوب الحرب بنحو 270 ألف نسمة، وهو ما جعل مراكز الإيواء المؤقتة التابعة للمنظمات الإغاثية، والمدارس والمستشفيات ومباني المنشآت الحكومية هناك، تضيق بساكنيها.
ووسط تحذيرات أممية من اكتظاظ مراكز الإيواء التي تديرها المنظمة الدولية في رفح بما يفوق طاقتها الاستيعابية بكثير بجانب تكدس الشقق السكنية بالعشرات من الأشخاص في الشقة الواحدة، اضطر عدد كبير من النازحين، إلى إقامة مخيمات في أي منطقة بالمدينة، إلى حد نصب خيامهم فوق أنقاض المباني المدمرة، التي يعتبر بعضهم أنها قد تكون آمنة أكثر من غيرها، إذ يستبعدون أن تتعرض من جديد، للغارات الجوية أو القصف المدفعي.
ويلجأ بعض النازحين إلى رفح، ممن تشكل هذه المدينة بالنسبة لبعضهم محطتهم الرابعة أو الخامسة في رحلة النزوح ولا يستطيعون العثور على خيمة للإقامة فيها، لأن يلوذوا بأي مكان يمكن أن يستتروا فيه بألواح خشبية أو حتى بأكياس من النايلون المستخدم في تعبئة الإمدادات الإغاثية، التي تصل إلى القطاع عبر شاحنات تمر من خلال معبر رفح.
وأدت الأزمة إلى رواج التجارة في هذه الأكياس، فضلاً عن تكسب بعضهم من حياكتها وخياطتها وجعلها أشبه بالخيام التي يقيم فيها النازحون عادة.
وارتفع سعر الخيمة الواحدة من تلك الخيام، مما يعادل 50 دولاراً بالنسبة لأغلاها وأكثرها جودة في فترة ما قبل الحرب، إلى ما يزيد على 6 أضعاف هذا المبلغ أحياناً في الوقت الحاضر.
ويُعزى ذلك بطبيعة الحال إلى الطلب المتزايد على الخيام ونقص المتاح منها.
وفيما يقول بعض النازحين إنهم تلقوا خياماً من وكالات الإغاثة بعد فترة انتظار استمرت لبعض الوقت، يشكو آخرون من أنهم ينتظرون الحصول على دعم من هذا القبيل، منذ عدة أسابيع من دون جدوى.
ولم يعد غريباً في ظل هذه الأجواء، أن يجد متصفحو وسائل التواصل الاجتماعي في رفح، عندما لا تنقطع عنهم الاتصالات وخدمات الإنترنت، إعلانات على تلك المنصات لتأجير خيام أو بيعها.
وبينما يعتبر بعضهم أن ذلك يمثل مؤشراً على أن أزمة الخيام، باتت تُستغل من جانب بعضهم كوسيلة للتربح والاستفادة من ظروف الحرب، يؤكد آخرون في تصريحات نشرها الموقع الإلكتروني لـ«الإذاعة الوطنية العامة» في الولايات المتحدة، أن الأمر لا يعدو اضطرار هؤلاء لبيع خيامهم أو تأجيرها، لكي يشتروا لأنفسهم ولأسرهم، ما يحتاجونه من غذاء وماء ومواد أساسية.
وفي الوقت نفسه، يحاول نازحون آخرون مواجهة هذه الأزمة المتفاقمة، من خلال استخدام الأقمشة العادية والأبسطة، لتصنيع الخيام منها، وذلك في حين لم يجد فريق ثالث بداً من الاستعانة بالأقمشة الكبيرة، التي تغطي شاحنات المساعدات التي تدخل يومياً إلى غزة براً، لصنع خيامهم بأنفسهم.