أحمد مراد (تونس، القاهرة)
تواصل تونس جهودها لتنويع مصادر التمويل، سواءٌ على المستوى الإقليمي والدولي، إضافة إلى مساعيها الدؤوبة الرامية للاعتماد على مواردها الذاتية، في ظل تعثر مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي بشأن الحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار.
وفي الخامس من يناير الجاري، وضع صندوق النقد تونس ضمن القائمة السلبية لأول مرة منذ انضمامها إليه خلال العام 1958، على إثر تأخر استكمال مشاوراتها مع ممثليه بموجب المادة الرابعة المتعلقة بمراجعة أداء الاقتصاد التونسي، وتأخر استكمال المشاورات لمدة تجاوزت عاماً ونصف العام، إضافة إلى الفترة العادية الممنوحة وهي 15 شهراً.
وأوضح الكاتب والمحلل التونسي، باسل ترجمان، أن وضع تونس على القائمة السلبية لصندوق النقد الدولي لن يؤثر على الأداء السياسي والاقتصادي للحكومة في ظل حرصها على تنويع مصادر التمويل، سواء على المستوى الإقليمي والعالمي، بالإضافة إلى مساعيها الرامية للاعتماد على مواردها وإمكانياتها الذاتية عبر سياسات وبرامج إصلاحية شاملة.
وذكر ترجمان لـ«الاتحاد»، أن تونس نجحت للسنة الرابعة على التوالي في سداد أقساط الديون المستحقة عليها دون الاستدانة من صندوق النقد الدولي، إضافة إلى تأكيداتها المتواصلة على احترام جميع التزاماتها تجاه المؤسسات المانحة الإقليمية والدولية.
وتوصلت تونس في أكتوبر 2022 إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد بشأن برنامج قرض قيمته 1.9 مليار دولار، ولكن المفاوضات بينهما تعثرت لاحقاً بسبب رفض تونس تنفيذ بعض شروط الصندوق، ومن بينها رفع الدعم عن بعض المنتجات، وخفض قيمة الدينار، وبيع مؤسسات عامة، وهو ما تعتبره تونس إملاءات غير مقبولة تسبب توترات اجتماعية، وتمس السلم الأهلي.
وقلل الكاتب والمحلل التونسي من شأن الخطوة التي اتخذها صندوق النقد تجاه تونس بوضعها على القائمة السلبية، وأنها لن تؤثر على التعاون بين تونس والمانحين الدوليين والمستثمرين العرب والأجانب، ويرى بعض المراقبين أن ذلك مجرد إجراء روتيني بسبب عدم استكمال إجراءات لتقييم أداء الاقتصاد التونسي.
وقال ترجمان، إن تونس قطعت خلال الأعوام الماضية أشواطاً بارزة في مسيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتمضي قدماً نحو تنفيذ العديد من الإصلاحات الأخرى، وهو ما يجعلها قادرة على مواجهة أزمة التمويل من خلال تحقيق التوازن السياسي والاقتصادي عبر جملة من الإجراءات من بينها تطوير الصادرات، وزيادة عائدات السياحة، وتحويلات التونسيين بالخارج، وتنويع أوجه التعاون مع الشركاء التجاريين، وغيرها.
بدوره، اعتبر الناشط السياسي التونسي، صهيب المزريقي، أن وضع تونس في القائمة السلبية لصندوق النقد مجرد تصنيفات سياسية وليست اقتصادية، لا سيما أن هناك العديد من الدلائل تشير إلى بداية تعافي الاقتصاد، من بينها ارتفاع الاحتياطي النقدي في البنك المركزي، ونجاح الحكومة في سداد الديون عن السنة الماضية، إضافة إلى نجاحها في توفير بدائل ومصادر أخرى للتمويل.
وذكر المزريقي لـ«الاتحاد»، أن تونس عضو مساهم في صندوق النقد منذ خمسينيات القرن الماضي، ورغم ذلك لم تتعامل معه إلا في العام 2012 مع وصول حركة «النهضة» الإخوانية إلى سدة الحكم، ولم يتم تصنيفها في القائمة السلبية إلا بعد «عشرية سوداء»، وبالتالي نستطيع التأكيد على أن خيارات «الإخوان» غير الوطنية هي التي جعلت تونس تخضع لضغوط صندوق النقد الدولي.
ولفت إلى وجود مصادر عدة وبدائل أخرى للتمويل يمكن أن تلجأ إليها تونس بعيداً عن صندوق النقد، مثل البنك الإفريقي للتنمية، والبنك العربي، إضافة إلى آلية الاقتراض الثنائي البيني مع بعض الدول، إضافة إلى الاتجاه نحو الاعتماد على الموارد الذاتية، والعمل على إيجاد مناخ جديد يساعد على تطوير أداء الاقتصاد.