دينا محمود (لندن)

في الأسابيع الأولى من العام الحالي، يُخشى من وصول أزمة الجوع في أفريقيا إلى مستويات غير مسبوقة تطال من خلالها أكثر من 300 مليون نسمة في مختلف أنحاء القارة، فيما حذر خبراء من أن هذه البقعة من العالم، ربما باتت على شفا مواجهة «سيناريوهات كارثية»، فيما يتعلق بالانعدام الحاد للأمن الغذائي.
ومن بين هذه السيناريوهات، بحسب مسؤولين في برنامج الأغذية العالمي يعملون في غرب أفريقيا، اضطرار الكثيرين من أبناء القارة، لتفويت عدد من الوجبات اليومية والاكتفاء بخيارات مُغذية بشكل أقل، وذلك لتقلص قدراتهم المالية، ما قد يزج بهم في «حلقة مفرغة من الجوع وسوء التغذية». ويعزو المسؤولون هذه الأزمة الوشيكة، إلى استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم، فضلاً عن تبعات التغير المناخي وتأثيراته على الوضع في القارة، وذلك جنباً إلى جنب، مع تواصل الصراعات في الكثير من أنحائها، وعلى رأسها منطقة الساحل. ففي «الساحل الأفريقي»، الذي يشهد تواصلاً للصراعات والاضطرابات منذ عقود ما أجبر الملايين هناك ومن بينهم مزارعون على الفرار من ديارهم، تتراجع قدرة السكان على الحصول على أطعمة مُغذية، بما يؤثر بشكل خاص على الفئات المجتمعية الأكثر هشاشة، وفي مقدمتها النساء والأطفال.
كما أن استمرار الأزمة الأوكرانية لمدة عامين تقريباً، وما نجم عنها من تقلص واردات الحبوب، لا يزال يؤثر على إمدادات القمح العالمية لدول أفريقيا، بما يسهم في الارتفاع الحالي لفاتورة ما تستورده من مواد غذائية.
وفي الوقت نفسه، لا يتوافر لدى الوكالات الإغاثية والإنسانية الدولية، المُشتتة بين الكثير من الأزمات حول العالم، التمويل الكافي للتعامل مع أزمة جوعٍ، يُنتظر أن يزيد عدد المتضررين الأفارقة منها في العام الجاري، بواقع 50 مليون شخص، وهي الزيادة التي ستكون حال تحققها، الأكبر من نوعها خلال سنة واحدة في القارة.
وبحسب خبراء تحدثوا لموقع «تيك إن أفريكا» الإلكتروني، تتعرض الإنتاجية الزراعية في كثير من الدول الأفريقية لتهديدات جسيمة، بفعل الاضطرابات المستمرة في أراضيها، بجانب تأثيرات الفيضانات الكارثية وموجات الجفاف التي تضرب بُلداناً مختلفة في القارة، كإحدى عواقب تغير المناخ. وفي الوقت الذي تفيد فيه تقديرات مستقلة، بأن الثمن الذي تدفعه أفريقيا بسبب الأزمة المناخية العالمية يفوق كثيراً حجم إسهامها في حدوثها، يحذر خبراء من أن السعي لمواجهة مشكلة انعدام الأمن الغذائي في هذه القارة، عبر التوسع في الزراعة التقليدية، يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأضرار البيئية، وزيادة انبعاثات غازات الدفيئة.
ويشير الخبراء، إلى أن ذلك يؤكد ضرورة العمل على تحقيق الأمن الغذائي في أفريقيا، عبر إجراء إصلاح كامل لمنظومة الغذاء هناك، وجعلها أكثر استدامة، وهو ما قد يسهم في كبح جماح أزمة الجوع، التي أفضت في بعض فترات العام الماضي، إلى تسجيل حالة وفاة كل 36 ثانية، في دول مثل الصومال وكينيا.