أحمد مراد (بيروت، القاهرة)

يأمل ملايين اللبنانيين حدوث انفراجة في أزمة «الفراغ الرئاسي» خلال العام الجديد، بعدما تفاقمت تداعياتها السياسية والاقتصادية والمعيشية طوال العام الحالي، وهو ما جعل لبنان يعاني واحدة من أشد ثلاث أزمات على مستوى العالم، بحسب تقارير بعض المنظمات الدولية.
وكانت أزمة شغور منصب رئيس الجمهورية تفجرت مع نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال عون، في 31 أكتوبر 2022، وفشل مجلس النواب خلال 12 جلسة في انتخاب رئيس جديد للبلاد في ظل انعدام التوافق على مرشح تجمع عليه الكتل النيابية والفرقاء السياسيون.
وأوضح المحلل السياسي اللبناني، أسعد بشارة، أن هناك فرصة مرتقبة لحل أزمة الفراغ الرئاسي في ظل المساعي الحثيثة التي من المقرر أن يقوم بها رئيس مجلس النواب نبيه بري، خلال الأسابيع المقبلة، وهو ما يمكن أن يمثل اختراقاً في جدار الأزمة بشرط أن تتوفر النوايا الحسنة.
ويجرى انتخاب رئيس الجمهورية من أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 128 عضواً، عبر اقتراع سري بأغلبية الثلثين في الدورة الأولى، فيما يكتفى بالأغلبية المطلقة في دورات الاقتراع التالي، وتُحدد مدة ولاية الرئيس بـ6 سنوات.
وذكر المحلل السياسي اللبناني في تصريح لـ«الاتحاد» أن القرار الذي صدر في منتصف ديسمبر بتمديد ولاية قائد الجيش العماد جوزف عون، لمدة عام، من شأنه أن يعطي فرصة قوية لإمكانية استنساخ هذا النموذج التوافقي في الملف الرئاسي، ومن خلاله يتم الاتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال العام 2024.
وقال بشارة: إن «التمديد لقائد الجيش جرى لأسباب ترتبط بالاستقرار في لبنان، وبالتالي يمكن تطويره بانتخاب رئيس للجمهورية محايداً ولا يكون خاضعاً لأي طرف من الأطراف السياسية، ولكن هذا الأمر يستلزم أولاً سحب المرشحين، جهاد أزعور وسليمان فرنجية.
وسبق أن شهد لبنان شغوراً في منصب رئيس الجمهورية 3 مرات، الأولى استمر 13 شهراً من سبتمبر 1988 إلى نوفمبر 1989، والثانية 6 أشهر من نوفمبر 2007 إلى مايو 2008، والثالثة 29 شهراً من مايو 2014 إلى أكتوبر 2016.
بدورها، تختلف الكاتبة والمحللة السياسية اللبنانية، ميساء عبد الخالق، في الرأي وترى أنه لا تلوح في الأفق أي انفراجة أو بادرة أمل بقرب انتخاب رئيس للبلاد في ظل استمرار حالة الجمود التي تسيطر على المشهد السياسي، وتمسك الفرقاء السياسيين بمواقفهم، وهو ما يفاقم تداعيات الأزمة على المستوى السياسي والاقتصادي والمعيشي في ظل وجود حكومة تصريف أعمال غير مكتملة الصلاحيات. وتتزامن أزمة الفراغ الرئاسي مع وجود حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية، لا سيما فيما يتعلق بتنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية ونقدية يضعها المجتمع الدولي شرطاً لإبرام اتفاق مع صندوق النقد للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار.
وكانت الحكومة الحالية بقيادة نجيب ميقاتي قد تشكلت في سبتمبر 2021، وبعد الانتخابات النيابية التي جرت في 14 مايو 2022 اُعتبرت مستقيلة، وفي 23 يونيو من نفس العام تم تكليف ميقاتي بتشكيل الحكومة من قبل المجلس النيابي، لكنه لم ينجح بعد رفض رئيس الجمهورية لهذه التشكيلة، ومن وقتها أصبحت حكومة تصريف أعمال.
حكومة مستقيلة
قبل أن يغادر الرئيس السابق، ميشال عون، القصر الجمهوري مع انتهاء ولايته وقع مرسوماً باعتبار حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي مستقيلة.
وشددت الكاتبة والمحللة اللبنانية في تصريح لـ«الاتحاد» على ضرورة التئام مجلس النواب من أجل انتخاب رئيس جديد للبلاد لمواجهة التداعيات الخطيرة للأزمة الاقتصادية الخانقة التي تلقي بظلالها على ملايين الأسر.