عبدالله أبو ضيف (تونس، القاهرة)

خرجت تونس من عباءة جماعة «الإخوان» بعد 10 سنوات من «عشرية سوداء» قضتها تحت سلطة حركة «النهضة» الإخوانية، فيما تعمل السلطات الوطنية حالياً في البلاد على خطة إصلاح سياسي واقتصادي تمهد لدولة قوية قادرة على مواجهة التحديات والإرهاب ومنع عودته من جديد.
وتعد تونس من الدول التي عانت اقتصادياً وسياسياً بسبب هيمنة حركة «النهضة»، الأمر الذي اعتبره خبراء السبب الرئيسي للثورة على نظام «الجماعة» وإجراء انتخابات برلمانية جاءت بقوى وطنية إلى البرلمان ووضع أسس قوية لاقتصاد متكامل وقوانين جديدة تتيح المشاركة للجميع على أساس الوطن الواحد وتضع تونس في المقدمة.
وحسب وكالة «فيتش» الاقتصادية للتصنيف الائتماني، فإن الاقتصاد التونسي شهد جهوداً كبيرة في الإصلاح خاصة فيما يتعلق بالتحكم بالنفقات العامة وإصلاح نظام الضرائب عن طريق خفض العجز في ميزانية الدولة من 6.9 % في 2022 إلى 5.8 % في 2023.
وقال المحلل السياسي التونسي نزار الجليدي، إن الشهور الماضية أثبتت أن تونس لجميع التونسيين ولا يمكن قصرها على فصيل بعينه، وبالتالي فإن السلطات الحالية تعمل بمشاركة كافة القوى الوطنية على إيجاد قوانين اقتصادية وسياسية ترسخ لهذه القاعدة لمنع وجود فصيل بعينه يستأثر مرة أخرى بالدولة.
وأضاف الجليدي في تصريح لـ«الاتحاد» أن «التونسيين فهموا الدرس جيداً ومن غير الممكن خلال أي استحقاق انتخابي مقبل، وأوله الانتخابات الرئاسية في العام القادم، أن يعودوا للاختيارات السابقة وخاصة إلى جماعة الإخوان، والتي أزاحها تصحيح لمسار تونس الحديث». 
وأشار المحلل السياسي إلى أنه من المتوقع أن تنتج الاستحقاقات الانتخابية المقبلة أشكالاً جديدة وجيلاً مختلفاً مع تراجع قوة الأحزاب السياسية التي خسرت المعركة خلال الفترة الماضية، حيث كشفت السنوات الأخيرة عن حقيقة حركة «النهضة» الإخوانية التي استغلت «المال الفاسد» لكسب أصوات المحتاجين.
وقال: «التونسيون أدركوا أن السياسة عبارة عن مقترحات وحلول، على عكس السنوات الماضية حيث أصبح من المستحيل عودة الإخوان من جديد للسلطة، أو حتى الوجوه القديمة بالانتخابات والتي من المتوقع أن تخرج جيلاً جديداً من السياسيين الذين يحتاجون هم أنفسهم إلى المزيد من التدريب والجهد والمثابرة».
واتخذت تونس إجراءات اقتصادية إصلاحية في خطوات إيجابية، حيث أعلن البنك المركزي تقلص عجز ميزان المدفوعات نهاية يوليو 2023 إلى 2814 مليون دينار «900 مليون دولار»، في حين كشفت بيانات للمعهد الوطني للإحصاء حول التجارة الخارجية، عن تقلص واردات عدة منتجات كمالية في إطار مكافحة التوريد العشوائي الذي أضر بالاقتصاد خلال «العشرية السوداء».
من جانبها، قالت الناشطة السياسية التونسية بدرة قعلول: إن «جيلاً جديداً بدأ يتشكل منذ عام 2019 والثورة على جماعة الإخوان، حيث بدأت تونس فترة جديدة مختلفة بعيدة عن الوجوه القديمة وعلى رأسها إزاحة الإخوان وكشف كذبهم».
وأضافت قعلول في تصريح لـ«الاتحاد» أن «جماعة الإخوان لن تعود إلى السلطة مجدداً بعد ثبوت ارتكابها أعمالاً إرهابية وفساد، وبالتالي تواجه تخبطاً يمنعها من القدرة على تحقيق المكاسب وحصد الفوز في أي انتخابات مقبلة ولو بعد سنين طويلة، ما يعني على الأرض انتهاءها في تونس».