أحمد عاطف (تونس، القاهرة)
شدد خبراء ومحللون سياسيون على أن برنامج الإصلاحات الذي يقوده الرئيس قيس سعيد، لتطهير المؤسسات التونسية من المنتفعين والفاسدين، يحتاج لعدد من المقومات لإكمال دوره، وعلى رأسها تغيير القوانين التي يستغلها الفاسدون في تحقيق مكاسب على حساب البلاد.
واعتبر أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية الدكتور رضا الشكندالي أن الحرب على الفساد والمفسدين لن تكتمل فقط بمراقبة وإيقاف الشخصيات المتورطة في قضايا فساد، مؤكداً أن المنظومة تحتاج بشكل عاجل لتعديل القوانين بشكل سليم.
وقال الشكندالي في تصريح لـ«الاتحاد» إن الفاسدين في تونس حققوا امتيازات مالية كبيرة بمخالفة القانون، في ظل نظام اقتصادي يعتمد على الريع، ويسمح لفئات معينة بالنفاذ والحصول على مميزات بدون وجه حق.
وطالب الشكندالي بوقف تمدد الفاسدين، لأن استمراريتهم تعني نهب المال العام بشكل مقنن، وتمنع الكثير من الحصول على فرص تنافسية أو استثمارية تصديرية ما يؤزم الاقتصاد التونسي.
وأوضح المحلل السياسي التونسي باسل ترجمان أن الأزمات التي تواجهها تونس في برنامج الإصلاح الاقتصادي والحرب على الفساد متوقعة، وليست مفاجئة، لافتاً إلى ما يعرف بـ«عشرية الخراب» التي مرت على تونس وخلقت مجموعات داخل مؤسسات الدولة وإداراتها مرتبطين بتلك المنظومات الفاسدة.
وقال ترجمان في تصريح لـ«الاتحاد» إن المنتفعين والفاسدين يحققون ثروات طائلة تقدر بعشرات ملايين الدنانير جراء الفساد وارتباطهم بتلك اللوبيات، لافتاً إلى أنهم يعتبرون تلك المكاسب حقاً لا يستطيعون التخلي عنه.
يذكر أن الرئيس التونسي سبق أن قدر حجم الأموال التي استولى عليها رجال أعمال «فاسدين» بنحو 13.5 مليار دينار تونسي «نحو 4.5 مليار دولار»، وهو مبلغ ستعمل الدولة من خلال تنفيذ قانون الصلح الجزائي على توظيفه في تنمية المناطق الفقيرة.
وشدد ترجمان على أن محاربة الفساد لا بد أن تنجح باعتبارها المسار الأهم لإنقاذ لتونس ووضعها على الطريق الاقتصادي والتنموي السليم، مشيراً إلى وجود تحديات كبيرة جزء منها محلي والآخر مرتبط بالأوضاع الاقتصادية والعالمية وعلى رأسها «كورونا» وأزمة أوكرانيا، وحرب غزة.
وأوضح أنه رغم كل هذه الأزمات، إلا أن الشعب التونسي ما زال مصراً على مساندة مشروع الإصلاح للتخلص من المنتفعين الذين دمروا الاقتصاد وحولوه لخدمة مصالحهم على حساب الشعب.
إلى ذلك، قال المحلل السياسي التونسي منذر ثابت، إن هناك نجاحات في استرداد الأموال من دون الدخول في عمليات تأمين مثلما فعلت دول وحكومات أخرى في تجاربها ما يعني أن حفظ الملكية في تونس محترم إلى الآن ويعد أمراً إيجابياً نحو استرداد الأموال.
وأوضح ثابت في تصريح لـ«الاتحاد» أن المطروح حالياً هو تطوير نظم الحوكمة من أجل منع الفساد، مضيفاً أن مسألة مقاومة الفساد تحولت إلى ضغط وإقصاء الفاسدين وتوظيف سياسي مباشر.