شعبان بلال (غزة، القاهرة)
اعتبر المتحدث الإقليمي باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» سليم عويس، أن الوضع في قطاع غزة مروع ويزداد سوءاً كل يوم، ولا يوجد مكان آمن، مشيراً إلى أن معدل الضحايا بين الأطفال مخيف.
وكشف عويس، في حوار خاص مع «الاتحاد»، عن أن حوالي مليون طفل هُجّروا قسراً من منازلهم، ويتم دفعهم إلى مناطق ضيقة مكتظة دون ماء أو طعام أو حماية أو أي من الضروريات اللازمة للبقاء على قيد الحياة، مما يعرضهم لخطر متزايد للإصابة بالتهابات الجهاز التنفسي والأمراض المنقولة، وتهديد الجفاف وسوء التغذية.
وأضاف أن هناك الآلاف من الأطفال بين قتيل وجريح، ومن بين المصابين 1000 على الأقل فقدوا أطرافهم، وتعرض الكثيرون منهم للحروق والجروح، وآخرون سيعانون مدى الحياة بسبب إصاباتهم الخطيرة.

وقال عويس، إن «التقديرات الرسمية للأمم المتحدة أشارت إلى أن حوالي 543 ألف طفل في قطاع غزة - أو حوالي 50% من عدد الأطفال - بحاجة إلى خدمات الصحة والدعم النفسي الاجتماعي، ويواجهون واقعاً مروعاً، حيث يعاني الأطفال استجابات للضيق النفسي والصدمة تجاه المواقف غير الطبيعية، وما رأيناه في غزة يعتبر أمراً نادراً، ونعلم أن التعرض لفترات طويلة ومتكررة للأحداث الصادمة يؤدي إلى إضعاف قدرة الجسم على التكيف».
وشدد المتحدث الأممي على أن «هذا وضع غير مسبوق، حيث يعاني الأطفال العنف والخوف بشكل متكرر، دون أن يتمكنوا من المغادرة أو الانتقال إلى مكان آمن، ففي الأزمات الأخرى، يمكن للناس على الأقل الفرار إلى بر الأمان، وفي هذه الحالة لا يتمكن الأطفال من الهروب ويظلون عالقين في دائرة من التعرض للأحداث والخوف».
وفيما يتعلق بالآثار طويلة المدى للصدمات المتكررة التي قد يعانيها الأطفال، بيّن عويس أنه لا يمكن أن يتمتعوا بالصحة العقلية دون الأمان والحصول على الخدمات الأساسية، ومن الصعب جداً تقييم وعلاج الصحة العقلية عندما يكون الأشخاص في خطر، وبمجرد أن يصبح الأطفال آمنين، سيكونون قادرين على البدء في تقييم التأثير طويل المدى.
وأشار المسؤول الأممي إلى خطورة استمرار الوضع الحالي على الأطفال والعائلات، معتبراً أن أكبر خطر هو استمرار قتل الأطفال، وبالإضافة إلى ذلك، نحن نخاطر بالمزيد من المعاناة التي قد تؤثر على مستقبلهم بشكل أكبر، مشدداً على أن وقف إطلاق النار هو السبيل الوحيد لضمان وقف قتل وإصابة الأطفال في قطاع غزة، ولا غنى عنه لمنع استمرار الوضع الكارثي من التفاقم للأطفال والعائلات.
وتابع: «اليونيسيف» مستمرة بالعمل على الأرض في غزة مع الشركاء من المنظمات الأممية الأخرى والمنظمات المحلية لإيصال المساعدات والتخفيف عن الأطفال والعائلات، وناشد المجتمع الدولي الدعوة إلى وقف إطلاق النار الفوري، وضرورة دخول المساعدات دون أي قيود وبشكل مستمر وآمن.
واختتم المتحدث الأممي حديثه بتأكيد أهمية ضمان سلامة العاملين الإغاثيين من «اليونيسيف» وغيرها من المنظمات الإنسانية لتمكينهم من القيام بعملهم في إيصال المساعدات والخدمات الأساسية لجميع الأطفال والعائلات في قطاع غزة.
وكانت «اليونيسيف» قد أشارت في وقت سابق إلى أن جميع الأطفال دون سن الخامسة في قطاع غزة، أي ما يعادل 335 ألف طفل، معرضون بشدة لخطر سوء التغذية الحاد والوفاة التي يمكن الوقاية منها مع استمرار تزايد خطر المجاعة. وتقدر «اليونيسف» أنه في الأسابيع المقبلة، سيعاني ما لا يقل عن 10 آلاف طفل دون سن الخامسة أكثر أشكال سوء التغذية التي تهدد حياتهم، والمعروفة باسم «الهزال الشديد»، وسيحتاجون إلى أغذية علاجية.
انهيار كامل
يأتي هذا الخطر في وقت تواجه فيه أنظمة الغذاء والصحة في قطاع غزة انهياراً كاملاً، ويعاني أكثر من 80% من الأطفال الصغار فقراً غذائياً حاداً، وأكثر من ثلثي المستشفيات لم يعد يعمل بسبب نقص الوقود والمياه والإمدادات الطبية الحيوية أو بسبب تعرضها لأضرار كارثية في الهجمات.