أحمد شعبان، أحمد عاطف (مقديشو، القاهرة)
حقَّق الصومال خلال العام 2023 إنجازات كبيرة في مسار الحرب التي أطلقها على الإرهاب، وخاصة ضد حركة «الشباب» الموالية لتنظيم «القاعدة» الإرهابي، على كافة الأصعدة العسكرية والمالية والفكرية.
أولوية قصوى
فمنذ توليه الحكم في الصومال، أعلن الرئيس حسن شيخ محمود، أن الأولوية القصوى له هي مكافحة التنظيمات الإرهابية الموجودة في البلاد منذ 15 عاماً، ووضع في أواخر أغسطس 2023، إطاراً زمنياً جديداً للقضاء على حركة «الشباب»، حدده بـ 5 أشهر، ودعت الحكومة الصومالية، مقاتلي وقيادات الحركة إلى نبذ العنف والانضمام إلى عملية السلام.
واستطاع الرئيس الصومالي الحصول على الدعم العسكري واللوجستي الخارجي، سواءً في محيطه الإقليمي والاتحاد الأفريقي، أو دعم من الدول العربية وأميركا والأمم المتحدة، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي مع كينيا المجاورة.
تجفيف مصادر الإرهاب
كما وضع حسن شيخ محمود، خطة لتجفيف تمويل الإرهاب، عبر مراجعة الصومال لسياسته المالية، بما في ذلك إنشاء وكالات حكومية تراقب التدفق المالي، وهو ما ساعد الصومال على اكتشاف حركة الأموال وطريقة تهريبها لـ«الشباب»، كما تم تطوير عمل وحدة استخبارات مالية، وإعداد قوانين تسهم في ضبط عملية تهريب الأموال.
وأحرزت الصومال خلال 2023، إنجازات كبيرة لدحر الإرهاب من خلال تنفيذ خطة تحقيق الاستقرار التي أعدتها الحكومة للمناطق المحررة من سيطرة حركة «الشباب»، وكان العام الماضي بمثابة نقطة تحوّل بالنسبة لأمن الصومال، حيث تعاونت المجتمعات المحلية وحكام الولايات وزعماء العشائر للقتال إلى جانب القوات المسلحة الوطنية، وتحرير العشرات من المناطق في وسط البلاد.
تحرير مئات المواقع
وحققت جهود الرئيس الصومالي والحكومة انتصارات كبيرة على الإرهاب في 2023، حيث أعلن الجيش الصومالي في أغسطس الماضي السيطرة على مدينة «البور» في ولاية غلمدغ وسط البلاد، التي كانت من أكبر المعاقل لحركة «الشباب» منذ 16 عاما.
كما خسرت الحركة الإرهابية المئات من عناصرها في ضربات متلاحقة من الجيش، بالإضافة إلى استهداف ومقتل قيادات خطيرة في الحركة، وآخرها مقتل القيادي الكبير «معلم أيمن» في 17 ديسمبر الجاري على أيدي قوات صومالية وأميركية، وكان مسؤولاً عن التخطيط للعديد من الهجمات الإرهابية في الصومال ودول مجاورة مثل كينيا.
دعم دولي
ونتيجة لنجاح الصومال في مكافحة الإرهاب، شهدت مدينة نيويورك، في 12 ديسمبر الجاري، عقد مؤتمر الأصدقاء والشركاء لدعم جهود الصومال في محاربة الإرهاب، حضره شركاء من 25 دولة إلى جانب ثلاث منظمات دولية، (الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والجامعة العربية).
وأعلن الرئيس الصومالي، خلال المؤتمر، عن آلية أمنية جديدة لتثبيت الأمن والاستقرار، وكشف عن خطة إصلاحية لقطاع الأمن في الصومال للسنوات الست المقبلة، على ثلاث مراحل.
انسحاب «أتميس»
ويعد استكمال انسحاب بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال «أتميس»، في عام 2024، شهادة على التقدم الذي أحرزته الصومال في مكافحة الإرهاب، والسعي لبناء صومال أكثر استقراراً مع جهاز أمني أقوى يعمل على نقل المسؤوليات الأمنية الكاملة إلى القوات الصومالية.
حظر السلاح
وفي 2 ديسمبر الجاري، أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً برفع حظر الأسلحة المفروض على الصومال بعد 31 عاماً، والذي يمكن الدولة الصومالية من شراء كل أنواع الأسلحة من العالم دون قيود قانونية، ويأتي هذا القرار تتويجاً لجهود مكافحة الإرهاب الناجحة.
مواجهة الإرهاب
واعتبر المحلل السياسي الصومالي الدكتور ياسين سعيد أن الصومال شهدت نجاحًا كبيرًا في مكافحة التطرف والإرهاب خلال عام 2023، وذلك بعد تولي الرئيس حسن شيخ محمود مقاليد الحكم، حيث نجحت في تحقيق تقدم فعّال في مواجهة الجماعات الإرهابية، وسيطرت على مناطق استراتيجية وسط البلاد، وتم تحريرها من حركة «الشباب»، وبدأ التحضير للمرحلة الثانية في الجنوب.
وأشار ياسين في تصريح لـ«الاتحاد» إلى أنه في بداية عام 2023، أعلنت الحكومة الصومالية أهدافًا طموحة، من بينها تحرير المناطق التي تسيطر عليها حركة «الشباب» بالكامل، واستكمال عملية الإعفاء من الديون، منوهاً إلى أنه تم تحقيق الهدف الثاني بنجاح، فيما لم يكتمل الهدف الأول بشكل كامل.
الحاضنة الشعبية
وشدد المحلل السياسي على أنه من خلال الجهود التي بذلتها الحكومة الصومالية في رفع معنويات الجيش وتعزيز الحاضنة الشعبية، يمكن للدولة الصومالية تحقيق تقدم في مكافحة «الشباب» وتحرير المناطق الجنوبية المتبقية في 2024.
ولفت ياسين إلى أن قرار رفع حظر السلاح عن الصومال يُعزز من إمكانيات الجيش، وتطور يمكن أن يُسهم في تحقيق تقدم إضافي في مجال محاربة الإرهاب، مشيراً إلى أنه بالتركيز على جهود مكافحة الإرهاب، يُتوقع أن تسهم الصومال في تحقيق الاستقرار وتعزيز الأمن في المنطقة.
تحديات كبيرة
بدوره، اعتبر الباحث في شؤون اﻹرهاب الدولي، منير أديب، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن التحديات التي تواجه الصومال في مواجهة الجماعات الإرهابية كثيرة، وتتمثل في الجوانب الأمنية والاقتصادية والسياسية، مشيراً إلى ضرورة أن يكون هناك دعم دولي للحكومة ولأجهزتها الأمنية في مواجهة الحركات الإرهابية، بجانب الدعم الإقليمي المتمثل بالاتحاد الأفريقي.
تجارب سابقة
اتفق الباحث في شؤون الحركات المتطرفة، أحمد سلطان، مع ما طرحه أديب، موضحاً أن التجارب السابقة في مواجهة الصومال للجماعات الإرهابية عموماً وحركة «الشباب» خصوصاً أثبتت أن الحركة الإرهابية قادرة على إعادة تجميع نفسها رغم تلقيها الضربات بشكل قوي للغاية.
وأشار سلطان في تصريح لـ«الاتحاد» إلى أن حركة «الشباب» لديها موارد مالية كبيرة تزيد عن 100 مليون دولار سنوياً، تستخدمها في تمويل العمليات وشراء السلاح واستقطاب المقاتلين.
عودة القرصنة
شددت أستاذة العلوم السياسية والباحثة في الشؤون الإفريقية، الدكتورة هبة البشبيشي، في تصريح لـ«الاتحاد»، على أن الصومال لديها إشكاليات كبيرة في مواجهة الإرهاب، خصوصاً مع الأنباء التي تتحدث عن عودة القرصنة مرة أخرى إلى الممرات الملاحية في الصومال.